يقول تعالى:{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ} بأحد حين قتل سبعون منكم.
{قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} ببدر، حيث قتلتم سبعين من المشركين وأسرتم سبعين.
{قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا} أي: تعجبتم وقلتم: من أين لنا هذا الخذلان، ونحن مسلمون، ورسول الله فينا؟! {قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}، قل لهم: هو من عند أنفسكم؛ لأنكم تركتم المكان فخذلتم.
نعيد التذكير بهذا المعنى الخطير جداً فنقول: ما نحن فيه اليوم فهو من عند أنفسنا، فالعلاج الحقيقي لمن كان صادقاً أن يسعى إلى التغيير إلى الأحسن في واقع نفسه وفي واقع المسلمين، وأن يفتش كل واحد في نفسه، ينظر ما هي المخالفات التي يرتكبها؟ لأن ما نحن فيه هو عقوبة من الله، وإذا كان في شأن الصحابة قال الله لهم:((قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ))، فماذا نقول نحن الآن؟ أغلب بيوت المسلمين فيها (التلفاز) و (الفيديو)، وعلى الأصح بدأ ينتشر (الدش).
هؤلاء يهوديات ونصرانيات يملأن الشوارع ويرتدين البنطلونات الضيقة، وهذا الفساد الذي انتشر هل الحكومة هي التي تطلع الناس على كل مظاهر الفساد؟ أم أن القسط الأعظم من الفساد هو من عند أنفسنا؟ نتفاعل مع هذا الفساد ونهرع إليه، وهناك قسط كبير جداً من المعاصي نقع فيها طوعاً واختياراً ولا يجبرنا عليها أحد، وإذا غلب الشر وظهر الفساد في الأرض أوشك أن يعمنا الله بعذاب من عنده، نسأل الله العافية!.
فإذا كان الصحابة رضوان الله عليهم قد قال لهم الله سبحانه وتعالى:((قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ))، مع أن الرسول كان فيهم، ومع أنهم خير أمة أخرجت للناس، فكيف بنا؟ هذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه في يوم من الأيام كلف بعض جنوده أو عماله بأمر، فقال لهم:(هل عملتم ما أمرتم به؟ فقالوا: نعم، قال: أما إنكم لو لم تعملوا بما أمرتم لتركبن أعناقكم اليهود والنصارى عقوبة).
{قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[آل عمران:١٦٥] أي: ومن هذا الشيء النصر، وقد جازاكم بخلافه؛ بسبب مخالفتكم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالبقاء خلف المسلمين لحماية ظهورهم.