للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (إنما توعدون لصادق)]

قال تعالى: {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ} [الذاريات:٥] هذا جواب القسم، و (ما) موصولة أو مصدرية.

والموعود ((إنما توعدون)) هو قيام الساعة وبعث الموتى من قبورهم، ((لصادق)) أي: لصدق، فوضع الاسم مكان المصدر، أو هو من باب قوله تعالى: {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة:٢١] أي: عيشة مرضية.

يقول الشنقيطي رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية الكريمة: {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ}: (ما) موصولة.

((إنما توعدون)) أي: إن الذي توعدون لصادق، لكن إذا قلنا: إن (ما) موصولة فلابد من عائد، والعائد هنا محذوف، فنقول: إنما توعدونه لصادق.

إذاً: صلة الموصول العائد هذه الهاء المحذوفة.

((إنما توعدون لصادق)) صادق بمعنى المصدر لصدق، أي: إن الذي توعدونه من الجزاء والحساب لصدق لا كذب فيه.

وقال بعض العلماء: ((إنما توعدون)) (ما) مصدرية، يعني: إن الوعد بالبعث والجزاء والحساب لصادق، وقال بعضهم: إن صيغة اسم الفاعل في ((لصادق)) لم تأت بمعنى المصدر، وإنما بمعنى اسم المفعول.

((إنما توعدون لصادق)) يعني: لمصدوق أو لمصدق، كما قال تعالى: {فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة:٢١] اسم فاعل لكن المقصود به اسم المفعول، يعني: عيشة مرضية.

ما تضمنته هذه الآية الكريمة من صدق ما يوعدونه جاء في آيات كثيرة، كقول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران:٩]، وقوله تعالى: {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ} [الأنعام:١٣٤]، وقوله تعالى: {لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ} [الواقعة:٢] والآيات في ذلك كثيرة معلومة.