للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الاستدلال بهذه الآية على قاعدة سد الذرائع]

وهذه الآية أصل في قاعدة سد الذرائع، فقاعدة سد الذرائع الدليل الأصلي لها الذي تقوم عليها هو هذه الآية الكريمة: ((وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ)).

وقال السيوطي: وقد يستدل بها على سقوط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا خيف من ذلك مفسدة أقوى، وكذا يترك كل فعل مطلوب إذا ترتب على فعله مفسدة أقوى من مفسدة تركه.

وقال بعض مفسري الزيدية: ثمرة الآية أن الحسن يصير قبيحاً إذا كان يحصل بفعله مفسدة.

فلا يدفع الإنسان في هذه الحالة حسن النية، بل لابد مع حسن النية من بصيرة وحسن تقدير للعواقب، فالإنسان الذي يهجم على فعل أشياء دون النظر إلى العواقب لا يمدح، وإنما يكون مقصراً، فالفعل -حتى لو كان أصلاً جائزاً- إذا كان يترتب عليه مفسدة أشد من الفعل الذي ينهى عنه فمن الفقه أن لا يرتكب هذا الفعل الذي يؤدي إلى المفسدة الأقوى أو الأكبر.

وقال الحاكم: نهوا عن سب الأصنام لوجهين: أحدهما: أنها جماد لا ذنب لها.

يعني: أن الصنم جماد؛ لأنه من حجارة أو خشب أو عجوة أو نحو ذلك، فالأصنام جمادات، فإذا سببتها فأنت تسب جمادات.

الثاني: أن ذلك يؤدي إلى المعصية بسب الله تعالى.

وهذا هو المعنى الذي ذكرناه آنفاً.

وهل معنى ذلك أن تسكت عن عبادة الأصنام؟

الجواب

لا، وإنما لا تسب آلهتهم إذا كان يترتب على السب أن يقابلوا سبك بسب الله أو سب الرسول عليه الصلاة والسلام أو سب القرآن، لكن لا يعني ذلك أن تسكت عن بيان أنه لا يجوز عبادتها، وأنها لا تنفع ولا تضر ولا تستحق العبادة، فهذا كله ليس بسب، وليس بداخل في السب.

ولهذا قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه يوم صفين: لا تسبوهم، ولكن اذكروا قبيح أفعالهم.

أي: اذكروا أفعالهم القبيحة.