أي: حتى لو كنتم تضمنون لي أنكم تحفظونه فحفظكم له إنما يحصل إذا كنتم دائمي النظر إليه، لكن لا يخلو الإنسان عن الغفلة، فأخاف غفلتكم عنه.
قال الزمخشري: اعتذر إليهم بشيئين: أحدهما: أن ذهابهم به ومفارقتهم إياه مما يحزنه؛ لأنه كان لا يصبر عنه ساعة.
الثاني: خوفه عليه من عدوة الذئب إذا غفلوا عنه برعيهم ولعبهم، أو قلّ به اهتمامهم ولم تصدق بحفظه عنايتهم.
قال الناصر: وكان أشد الأمرين على قلبه خوف الذئب عليه، فهو يجزع لذلك، وأما حزنه لمفارقته ريثما يرتع ويلعب ويعود سالماً إليه عما قريب فأمر سهل.
إن الذي فهمه إخوة يوسف هو خوف أبيهم من الذئب؛ لذلك لم يشتغلوا إلا بتأمينه، فلم يناقشوه في جواب قول يعقوب:((إني ليحزنني أن تذهبوا به) وإنما أجابوا عن أشق الأمرين على نفسه وهو خوفه من الذئب عليه فأجابوا {قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ}[يوسف:١٤].
((ونحن عصبة)) أي: جماعة أقوياء يمكننا أن ننزعه من يد الذئب.
((إنا إذاً لخاسرون)) أي: هالكون ضعفاً وجبناً، أو عاجزون أو مستحقون لأن يدعى عليهم بالخسار والدمار.