[ما يستفاد من قوله تعالى: (ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى عذاب غير مردود)]
في الآيات ثمرات: منها أن حصول الولد المخصص بالفضل نعمة على الأب كما هي نعمة على هذا الولد.
ومنها أن هلاك العاصي نعمة يبشر بها.
وذلك لأن البشرى قد فسرت بولادة إسحاق كما في آخر الآية: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} [هود:٧١].
وفسرت البشرى أيضاً بأنها تشمل هلاك قوم لوط، فبشر بإهلاك هؤلاء المجرمين.
فإذاً هلاك العاصي نعمة، ولذلك جاء في الحديث أن الشخص إذا مات فإنه يقال: (مستريح أو مستراح منه)، فالمستراح منه هو: الظالم الفاسق الفاجر الذي يؤذي عباد الله سبحانه وتعالى، فإنه إذا مات وإذا أهلك يستريح منه الآدميون حتى العجماوات والشجر والحجر.
ومنها: استحباب نزول المبشر على من يريد أن يبشره؛ لأن الملائكة أرسلهم الله بذلك.
ومنها: أنه يستحب للمبشر تلقي ذلك بالطاعة شكراً لله تعالى على ما بشر به؛ لأنهم قالوا لها: {أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} [هود:٧٣] أي: كان أولى أن تجعلي مكان قولك: يا ويلتى! سبحان الله، أو تشتغلي بتحميد الله عز وجل وتمجيده.
وحكى الأصم: أنهم جاءوه في أرض يعمل فيها، فلما بشروه غرز مسحاته وصلى ركعتين.
ومنها: أن السلام مشروع، وأنه ينبغي أن يكون الرد أفضل؛ لقول إبراهيم: (سلام) بالرفع كما تقدم تفسيره.
ومنها: مشروعية الضيافة والمبادرة إليها، واستحباب مبادرة الضيف بالأكل منها.
ومنها: استحباب خدمة الضيف ولو للمرأة؛ لقول مجاهد: ((وامرأته قائمة)) أي: في خدمة أضياف إبراهيم، قال في الوجيز: وكن لا يحتجبن كعادة العرب ونازلة البوادي، أو كانت عجوزاً، وخدمة الضيفان من مكارم الأخلاق.
ومنها: جواز مراجعة المرأة الأجانب في القول وأن صوتها ليس بعورة.
كذا في الإكليل.
ومنها: أن امرأة الرجل من أهل بيته، فيكون أزواجه عليه الصلاة والسلام من أهل بيته، وسيأتي ذلك أيضاً في آية: ((فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ))، لا كما يزعم الشيعة تخصيص أهل البيت بـ فاطمة وعلي والحسن والحسين عليهم السلام.