[أقول المفسرين في معنى قوله تعالى: (فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان)]
نجمل كلام بعض المفسرين فيما يتعلق بتفسير هذه الآية الكريمة: ((فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ)).
يقول الحافظ ابن كثير: ((فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ)) أي: تذوب كما يذوب الدردي والفضة في السبك، وتتلون كما تتلون الأصباغ التي يدهن بها، فتارة حمراء وصفراء وزرقاء وخضراء.
وقال القرطبي: الدهان: الدهن.
والمعنى: أنها صارت في صفاء الدهن، على أساس أن الدهان جمع دهن.
وقال سعيد بن جبير وقتادة: ((فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ))، يعني: حمراء اللون كالوردة.
وقيل: تصير في حمرة الورد وجريان الدهن، يعني: أنها تنشق ومع الانشقاق تذوب حتى تصير حمراء من حرارة نار جهنم، وتصير مثل الدهن لرقتها وذوبانها.
وقيل الدهان: الجلد الأحمر الصرف.
وذوبان الشيء الصلب وتميعه هذا شيء نحن نراه ونلمسه في أشياء كثيرة، كما في بعض وسائل التعذيب البشعة حيث يضعون الإنسان داخل حمض الكبريتيك أو الهيدروكلوريك المركز فتجد هذا الإنسان يتبخر ويذوب تماماً، وفي الحديث إشارة إلى شيء قريب من هذا، حيث يقول عليه الصلاة والسلام: (أن من آذى أهل المدينة أو روع أهل المدينة النبوية المباركة يذيبه الله سبحانه وتعالى كما يذاب الملح في الماء).
إذاً: معنى قوله: (فكانت وردة كالدهان): أنها تذوب مع انشقاقها حتى تصير حمراء من حرارة نار جهنم، وتصير مثل الدهن لرقتها وذوبانها.
وقيل: إن معنى قوله: ((فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ)): كالجلد الأحمر الصرف، حيث تصير السماء حمراء كالأديم من شدة حر النار.
وقيل إن معنى قوله: ((فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ)): كانت كالفرس الورد، يقال: للكميت ورد إذا كان جلده يتلون بألوان مختلفة.
وعن ابن عباس: (كالفرس الورد في الربيع كميت أصفر وفي أول الشتاء كميت أحمر، فإذا اشتد برد الشتاء كان كميتاً أغبر).
ويعني هذا كله: أن السماء سوف تتلون كما يتلون الفرس الورد من الخيل.
وقال الحسن: ((كَالدِّهَانِ)) كصب الدهن، فإنك إذا صببته ترى فيه ألواناً.
ويحتمل أنه يقصد بذلك ألوان الطيف حينما تنعكس على بعض السوائل من زاوية معينة فتعطي ألواناً كثيرة.