قوله تعالى:{أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ}، فيه دلالة على صحة شهادة الذمي على المسلم عموماً، لكن خرج جوازها فيما عدا وصية المسلم في السفر بالإجماع.
قال بعض المفسرين: ذهب الأكثر إلى أن شهادة الذميين قد نسخت، وعن الحسن وابن أبي ليلى والأوزاعي وشريح والراضي بالله وجده الإمام عبد الله بن الحسين أنها صحيحة ثابتة، وكذا ذهب الأكثر إلى أن تحليف الشهود منسوخ، وقال طاوس والحسن والهادي: إنه ثابت.
يقول القاسمي: أقول: لم يأت من ادعى النسخ بحجة تصلح لذكرها وتستدعي التعرض لدفعها.
وقد ذكر ابن القيم في إعلام الموقعين أنه تعالى أمر في الشهادة على الوصية في السفر باستشهاد عدلين من المسلمين أو آخرين من غيرهم، وغير المؤمنين هم الكفار، والآية صريحة في قبول شهادة الكافرين على الوصية في السفر عند عدم الشاهدين المسلمين، وقد حكم به النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة بعده، ولم يأت بعدها ما ينسخها، فإن المائدة من آخر القرآن نزولاً، وليس فيها منسوخ.
فليس في سورة المائدة منسوخ، وليس لهذه الآية ناسخ البتة.
ولا يصح أن يكون المراد بقوله:((مِنْ غَيْرِكُمْ)) من غير قبيلتكم، فإن الله سبحانه وتعالى خاطب بها المؤمنين كافة بقوله:((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا)) فلا يمكن أن تفسر بـ (من غير قبيلتكم).
ولا يخاطب بذلك قبيلة معينة حتى يكون قوله:(من غيركم) أي: أيتها القبيلة.
والنبي صلى الله عليه وسلم لم يفهم هذا من الآية، بل إنما فهم منها ما هي صريحة فيه، وكذلك أصحابه من بعده.