قال تعالى:{وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ}، يعني: عند النزع.
{قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ}، قال ذلك عند مشاهدة ما هو فيه، حينما تنكشف الحجب، ويرى الملائكة، وتحضر الغرغرة، ففي هذه الحالة يقول: إني تبت الآن لا ينفعه ذلك ولا يقبل منه.
قوله:{وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ} أي: لا تقبل توبة الذين يموتون وهم كفار، فلا ينفعهم ندمهم ولا توبتهم؛ لأنهم بمجرد الموت يعاينون العذاب، ولهذا قال تبارك وتعالى:{أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}[النساء:١٨]، يعني: أعددنا لهم عذاباً مؤلماً.
في هذه الآية دليل على أن الذي يموت على الكبائر وهو مصر عليها ولم يتب أنه غير كافر، وأنه يكون تحت المشيئة إن شاء الله عذبه، وإن شاء غفر له.
والدليل كما قلنا في قوله تعالى:{وَهُمْ كُفَّارٌ}[البقرة:١٦١]، فدل على أنهم ليسوا بكفار، خلافاً للخوارج -ومن قال بقولهم- الذين يقولون: إن الإنسان إذا مات على كبيرة ولم يتب منها فهو كافر مخلد في جهنم، أما هذه الآية فتنفي التوبة عنه، لكن لا تثبت له وصف الكفر كما قال في شأن الكافرين:((وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ)).