نذكر باختصار كلام الشوكاني رحمه الله تعالى في كتابه (السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار) يقول الشوكاني: إن الاستدلال بقوله: ((مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ))، على تحريم الزيادة على الرابعة في النساء هذا غير صحيح من حيث اللغة، لكن الاستدلال على ذلك بحديث قيس بن الحارث وحديث غيلان الثقفي وحديث نوفل بن معاوية، هو الذي ينبغي الاعتماد عليه وإن كان في كل واحد من هذه الأحاديث التي وردت في شأن بعض الصحابة الذين كان تحتهم أكثر من أربع نسوة مقال.
لكن أصح ما ينبغي الاعتماد عليه، في هذا الباب هو انعقاد الإجماع على تحريم نكاح ما فوق الأربع من النساء.
فقد يقول بعض الناس: كيف الإجماع مع أن الآية عامة: ((فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ))، بعض الناس قالوا:(مثنى وثلاث) تجمع على خمسة وزيادة (ورباع) المجموع تسع نساء، فأجازوا نكاح التسع، ولنا في رسول الله أسوة حسنة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قبض عن تسع نسوة.
وقال بعضهم (مثنى) أي: ثنتين ثنتين، (وثلاث) أي: ثلاث ثلاث، (ورباع) أي: أربع أربع والمجموع ثمانية عشر.
فإذا كانت الآية عامة، فهل الإجماع ينتسخ؟ الإجماع لا يَنسخ ولا يُنسخ، لكن الإجماع يكشف عن وقوع الدليل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، والإجماع إنما يتم بناء على دليل، حتى ولو لم نقف على عين الدليل.
إذاً أقوى ما يستدل به هنا هو الإجماع، يقول الإمام العلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى: إجماع الأمة على تحريم ما زاد على الأربع نسوة قبل ظهور المخالف الضال، ويرمي بذلك بعض الظاهرية؛ لأنهم هم الذين انحرفوا وشذوا عن هذا الإجماع، فالإجماع انعقد قبل ظهور داود الظاهري وابن حزم وغيرهما.
والإجماع هو ممن يعتد به من أهل العلم، ويريدون بكلمة:(يعتد به) الاحتراز عمن يخالفون الإجماع خاصة الظاهرية؛ لأنهم بإنكارهم القياس يصيرون ممن لا يحتج بكلامهم إذا خالفوا، وعلى أي الأحوال هناك من قال: إن النقل عن الظاهرية لم يصح.
قوله تعالى:{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا}[النساء:٣]، إن خفتم أن لا تعدلوا بين الأربع النسوة {فَوَاحِدَةً}[النساء:٣]، وفي قراءة (فواحدةٌ) بالضم.