وعلى القول بالوقف عند كلمة:((وَرَحْمَةً))، فقوله:((وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا))، يعني: أنهم هم الذين ابتدعوها، ونحن ما أمرناها بهم، ولا كلفناهم، وليس ذلك من شرعنا.
فقوله:((مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ))، أي أنها من ابتداعهم، وليست شرعاً شرعه الله لهم.
وقوله تعالى:((إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ))، قد يحصل إشكال ثانٍ عند بعض الناس؛ حيث قد يفهم منها الشخص العادي الغير متخصص أن الله ما كتب الرهبانية إلا ليبتغوا بها رضوان الله، وهذا ليس صحيحاً؛ لأنه بين أنهم الذين ابتدعوها، وليس لها أصل شرعي من عند الله، فيبقى الجواب عليه أن نقول: إن الاستثناء في قوله: {مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ} استثناء منقطع، كما قال تبارك وتعالى:{وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ}[الكهف:١٦]، فإنهم لا يعبدون الله، بل هم اعتزلوا عبادة الله، لكن الاستثناء المنقطع تأتي فيه (إلا) بمعنى (لكن)، فيكون معنى الآية: وابتدعوا رهبانية ما كتبناها عليهم؛ لكن كتبنا عليهم ابتغاء رضوان الله.
وقد وضح هذا المعنى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه المبارك (الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح)، فله فيه بحث وافٍ في تفسير هذه الآية الكريمة.