[تفسير قوله تعالى:(ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون)]
قال تعالى:{وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ}[الأعراف:١٣٠] يعني: لما امتنعوا عن إجابة موسى وإرسال قومه معه أخذهم بالسنين، أي: بالجدب والقحط، ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون أي: يتعظون فيرجعون عما هم فيه من الكفر إلى أمر موسى.
و ((لعلهم يذكرون)) لأن الشدة ترقق القلوب، وترغب في الضراعة إلى الله سبحانه وتعالى، {فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ}[الأنعام:٤٢].
قال الجشمي: تدل الآية على أن الشدة والبؤس قد يكونان لطفاً وصلاحاً في الدين؛ لذلك قال:((لعلهم يذكرون)) فالإنسان لا يدري ما يصلح قلبه وما يصلح حاله كما جاء في الحديث الصحيح: (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير: إن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيراً له).
فعلى المرء أن يثق بأن ما يقدمه الله سبحانه وتعالى له هو الخير، فرب مصيبة تلم بالإنسان تكون سبباً في رقة قلبه وانكسار كبريائه واختياله والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى؛ وهذا يؤخذ من هذه الآية:{وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ}[الأعراف:١٣٠]، فالحكمة من ذلك: رجاء أن يتذكروا وأن يتضرعوا إلى الله سبحانه وتعالى.
فإذاً الشدائد يقدرها الله على عباده لهذه الحكمة العظيمة ((لعلهم يذكرون)) أي: يتذكرون ويتبصرون ويصلحون حالهم مع الله سبحانه وتعالى.