[تفسير قوله: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة)]
فهذه الآية كما يقول السيوطي: أصل في مشروعية التجارة.
{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [المزمل:٢٠] أي: زكاة أموالكم.
قال ابن كثير: وهذا يدل لمن قال: إن فرض الزكاة نزل بمكة، لكن مقادير النصب والمخرج لم تبين إلا بالمدينة.
((وأقرضوا الله قرضاً حسناً)) أي: أن بذل المال في سبيل الخيرات على أحسن وجه يكون قرضاً حسناً، وذلك كأن ينتقي المال الطيب والحسن ويخرجه ولا ينتقي المال الرديء قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} [البقرة:٢٦٧].
وقال تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران:٩٢] فالقرض يكون حسناً إذا كان من أصل طيب أو من أطيب المال.
ومن الإحسان في القرض تعجيله؛ لأن هناك ثلاثة أشياء تحمد في أي عمل معروف: تصغيره، وتعجيله، وكتمانه.
تصغيره بألا تعظمه، وتعجيله بألا تؤجله، وكتمانه كي يكون سراً، كما في الحديث: (ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمنيه) بخلاف من يمن ويؤذي: {لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى} [البقرة:٢٦٤].
من خصائص القرض أن الإنسان يقرض بنية الأخذ؛ لأن الإنسان إذا بذل المال في سبيل الله تبارك وتعالى فإنه على يقين من أنه سوف يرجع إليه أضعافاً مضاعفة ببركة الله تبارك وتعالى، فلكونه محقق الرجوع إليه دل التعبير به على تحقق العوض هنا، ولذلك قال: ((وأقرضوا الله قرضاً حسناً)) فهذا هو سر بذل المال في سبيل الله وفي الخيرات على أحسن الوجوه، فأنت إذا بذلت هذا المال لن يذهب سدى، ورجوعه إليك أمر محقق حتى سمي قرضاً، فكأنك تقرض الله، والله سوف يعيد إليك ثوابه أضعافاً مضاعفة.
((وما تقدموا لأنفسكم من خير)) أي: في الدنيا من صدقة أو نفقة في وجوه الخير، أو عمل بطاعة الله أو غير ذلك من أعمال البر.
((تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجراً)) أي: أعظم ثواباً مما عندكم من متاع الدنيا.
((واستغفروا الله)) أي: سلوه غفران ذنوبكم.
((إن الله غفور رحيم)) أي: ذو مغفرة لذنوب من تاب إليه وأناب، وذو رحمة فلن يعاقبهم عليها بعد توبتهم منها.