قوله تعالى:((فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا)): فجعل من دون ذلك -يعني: قبل دخولكم الذي وعدتم به في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم- فتحاً قريباً، وهو الصلح الذي جرى بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين مشركي قريش.
أو (فجعل من دون ذلك فتحاً قريباً) وهو فتح خيبر، (من دون ذلك) يعني: قبل تحقق الرؤيا، ففتح خيبر لتستروح إليه قلوب المؤمنين إلى أن يتيسر الفتح الموعود، وإلى الأول ذهب الزهري فقال: يعني صلح الحديبية، وما فتح في الإسلام فتح كان أعظم منه، إنما كان القتال حيث التقى الناس، فلما كانت الهدنة ووضعت الحرب، أمن الناس بعضهم بعضاً، فالتقوا فتفاوضوا في الحديث والمنازعة، فلم يكلم أحد من الناس يعقل شيئاً إلا دخل فيه، فلقد دخل في ذينك السنتين في الإسلام مثل من كان في الإسلام قبل ذلك وأكثر، ووافقه مجاهد، وقال ابن جرير: والصواب أن يعم فيقال: جعل الله من دون ذلك كليهما -يعني: فتح خيبر وأيضاً صلح الحديبية- ما ترتب عليه من الخيرات العظيمة.