للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (بلى قد جاءنا نذير فكذبنا)]

قال تعالى: {قَالُوا بَلَى} [الملك:٩] (بلى) هذه إثبات؛ لأن جواب السؤال المنفي بأداة نفي يكون ببلى في الإثبات، أما لو قلت: نعم، فهو جواب بالنفي، كما لو قال لك المدرس: ألم تفهم ما قلت لك؟ فإن قلت: نعم فمعناه: أنك لم تفهم؛ لأن بعد أداة الاستفهام أداة نفي وهي ألم ومثلها أليس، فإذا أردت الإثبات فتقول: بلى.

أما قوله: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ} [الأعراف:٤٤] فالسؤال هنا جاء بعد أداة الاستفهام، لكن لا يوجد نفي، فالجواب هنا في الإثبات يكون بنعم، وعندما أقول لك: هل أنت متوضئ؟ تقول: نعم أو لا.

قوله: (قَالُوا بَلَى) انظر إلى الاعتراف، يعني: بلى قد جاءتنا الرسل، المصيبة الكبرى ليس فقط في اعترافهم بمجيء الرسل إليهم، وليس فقط بتكذيبهم الرسل، بل قالوا: نحن أفرطنا في التكذيب، ونفينا التنزيل والإرسال والنبوة.

قوله: {وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} [الملك:٩] (من) هنا قطعاً تدل على العموم، يعني: ما أنزل الله من شيء على الإطلاق، زيادة على هذا فقد بالغوا في نسبة الرسل إلى الضلال، وذلك بقولهم: {إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ} [الملك:٩] وليس في ضلال فقط بل (كَبِيرٍ)!