للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفسير قوله تعالى: (ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات)

لقد شرع الله بعد ذلك في بيان نكاح ما يستباح للضرورة كنكاح المتعة، يعني: على قول ابن عباس أو على قول من يرى أنه في حالة الاضطرار يباح للمسلم المتعة، فكأن الله سبحانه وتعالى هنا يبين لنا ما يستباح للضرورة، لكن الفرق بين هذه الضرورة وما يأتي الآن هو أن الضرورة التي أبيح لأجلها نكاح المتعة كانت ضرورة مؤقتة انقطعت إلى يوم القيامة، بحيث عاد حراماً تحريماً شاملاً كاملاً أبدياً.

فيشرع عز وجل هنا في بيان نكاح ما يستباح للضرورة كنكاح المتعة، لكنها ضرورة مستمرة لا تنقطع بكثرة الإسلام، أما الضرورة التي أبيح لأجلها نكاح المتعة فهي ضرورة مؤقتة انقطعت في ذلك الوقت وانتهت.

أما الضرورة التي ستأتي فهذه مستمرة كما في قوله تبارك وتعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ} [النساء:٢٥].

((وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا)(طولاً) يعني: غنىً.

((أَنْ يَنكِحَ) يعني: غنىً لأن ينكح.

(من لم يستطع منكم) من لم يقدر، (منكم).

(ومن لم يستطع منكم) الخطاب هنا للأحرار، أي: ومن لم يستطع منكم أيها الأحرار طولاً، يعني: لم يقدر أن يحصل غنىً يمكنه أن ينكح المحصنات المؤمنات.