للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن أهل (١) البادية لا يعرفون الأسعار ويضر بهم بيع ما يجلبونه بالرخص كما يضر بأهل الحضر شراؤه بالغلاء لأن أهل الحضر لا يصلون إليه إلا بعوض وأموال أهل البدو (٢) جلها من المباح الذي يؤخذ بغير عوض فيجب أن يقدم النظر لأهل الحضر عليهم، فإذا باع لهم السماسرة والتجار باعوا بالأسعار الغالية والأثمان المستوفاة فأضر ذلك بالحاضرة (٣).

وإذا ثبت منع ذلك فقيل: يفسخ إن وقع، وقيل: لا يفسخ، فوجه الفسخ عقوبة لفاعله للنظر العام، ولأن قصده قطع أرزاق الناس، ووجه الإمضاء فلأن الفساد منتف عنه من جهة العقد أو المعقود عليه، وإنما هو لحق الآدميين على وجه الرفق والإعانة، فأما أن يكون قطع حق آدمي متعين فلا، وإما الشراء لهم فقال: مالك لا بأس به اعتبارًا بالشراء لغيرهم لأن الحاضر يعرف ثمن ما يبيعه فلا يستضر بمن يشتري منه الحاضر للبادي بخلاف البيع لهم، وقال بعض أصحابه: لا يشتري لهم وهو والبيع سواء، ووجه هذا أنهم لا يعرفون الأسعار فيبذلون فيما يشترونه أكثر مما يبذلونه إذا تولى لهم التجار فيضر بالحاضرة كالبيع لهم.

[فصل [٥ - في التسعير]]

التسعير (٤) على أهل الأسواق غير جائز (٥) لأن الناس مالكون لأموالهم والتصرف فيها فلا يجبرون على بيعها إلا بما يخترونه، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - امتنع من التسعير لما سئل فيه فقيل له: لو سعرت لنا، فقال: "إن الله هو القابض


(١) أهل: سقطت من (م).
(٢) في (م): البادية.
(٣) في (م): بالحاضر.
(٤) التسعير عرفه ابن عرفة بقوله: "تحديد حاكم السوق لبائع المأكول فيه قدرًا للمبيع بدرهم معلوم" (حدود ابن عرفة مع شرح الرصاع ص ٢٥٨).
(٥) انظر: الموطأ: ٢/ ٦٥١، التفريع: ٢/ ١٦٨، الكافي ص ٣٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>