للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بملك بالإحياء (١) مباحة كتمليك (٢) الحشيش والصيد بالأخذ، وإنما شرطنا إذن الإمام فيما قرب من العمران خلافًا للشافعي (٣)؛ لأن ما قرب من البلد في حكم فنائه فالانتفاع به مشترك بين أهل البلد من الاحتطاب فيه والاصطياد والرعي وغير ذلك من وجوه الإرفاق (٤) فلو أُجيز لكل واحد اقتطاعه لأضر ذلك بأهل البلد فلم يكن بد من نظر الإمام ليكون كالحكم لمن يحييه، فإذا أحيا أرضًا ثم خرجت ودثرت وعادت إلى ما كانت عليه ثم أحياها آخر بعده فهي للثاني دون الأول بناء على الصيد إذا أفلت وعاد إلى الاستيحاش ولحق وطال زمانه وقد بيناه.

[فصل [١ - في حد حريم البئر]]

حريم البئر (٥) ليس فيه حد إلا الاجتهاد وما يعلم أنه لا يضر بالبئر الأول، وذلك يختلف باختلاف الأراضي والمواضع من الصلابة والرخاوة: فما علم أنه لا يضر بما تقدمه جاز، وما علم فيه ضرر منع، وذلك في الآبار التي تحفر في الصحاري والفلوات للماشية، فأما إذا أراد أن يحفر بئرًا في ملكه (٦) بقرب من بئر جاره ويخاف منه الإضرار بها فإن كان له مندوحة عنه وسعة فليس له ذلك لأن قصده حينئذ الإضرار بجاره من غير ضرورة فلا يترك في ذلك، والأخرى أنه يجوز له فعله (٧).

فوجه الأولى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ضرر ولا اضرار" (٨)، واعتبارًا به إذا كانت


(١) في م: بلا إحياء.
(٢) في ق: كتملك.
(٣) انظر: الأم ٤/ ٤١ - ٤٢، مختصر المزني ص ١٣٠ - ١٣١، الإقناع ص ١١٨.
(٤) في م: الارتفاق.
(٥) حريم البئر: حريم الشيء ما حوله من حقوقه ومرافقه، سمي بذلك لأنه يحرم على غير مالكه، أن يستبد بالانتفاع به (المصباح المنير ص ١٣٣).
(٦) في م: في ملك نفسه.
(٧) انظر: المدونة: ٤/ ٣٧٣، التفريع: ٢/ ٢٩١، المقدمات: ٢/ ٢٩٥ - ٣٠٢.
(٨) سبق تخريج الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>