للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنشد في المسكرات أبياتًا يرد فيها على ما أشيع أنها تزيد في الشجاعة والمسرة وقوة النفس والميل إلى البطش فقال (١):

زعم المدامة شاربوها أنها … تنفي الهموم وتصرف الغما

صدقوا سرت بعقولهم فتوهموا … أن السرور لهم بها تما

سلبتهم أديانهم وعقولهم … أرأيت عادم ذين مغتما

ولما نظم المعري البيت الذي شكك به على الشريعة في الفرق بين الدية والقطع في السرقة وهو:

يد خمس مئين بمسجد وديت … ما بالها قطعت في ربع دينار

أجاب القاضي عبد الوهاب المالكي -رضي الله عنه- بقوله:

وقايه النفس أغلاها، وأرخصها … وقاية المال فافهم حكمة الباري

وهو جواب بديع معناه أن اليد لو كانت تودي بما تقطع فيه أو بما يقاربه لكثرت الجنايات على الأطراف لسهولة الغرامة فغلظ ذلك حفظًا لها .. " (٢).

أقول: وأيضًا لو لم تقطع الأيدي في ربع دينار أو ثلاثة دراهم، بل قطعت في قيمة ديتها وهو خمسمائة دينار أو ستة آلاف درهم لكثرت الجنايات على الأموال دون هذا القدر، فسبحان الحليم الخبير.

• عقيدته:

كان القاضي عبد الوهاب من أهل السُّنَّة، ولقد شهد بذلك ابن القيم وأستاذه شيخ الإِسلام ابن تيمية، فقد قال عنه ابن القيم: "قول القاضي عبد الوهاب


(١) ذكر هذه الأبيات القرافي في كتابه "الفروق"- الفرق الأربعون: ١/ ٢١٧.
(٢) من كتاب "القواعد" لأبي بكر بن محمَّد بن عبد المؤمن المعروف بتقي الدين الحضي (ت ٨٢٩ هـ)، مخطوط، الورقة ١٩، وقد حققه الأستاذ عبد الرحمن الشعلان بجامعة الإِمام بن سعود الإِسلامية عام ١٤٠٤ هـ- ١٤٠٥ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>