للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل [٢ - للحكمين التفريق بينهما]]

وإنما قلنا: إنهما إن رأيا أن يفرقا فرقًا لا على طريق التوكيل بل على وجه الحكم خلافًا لأبي حنيفة وأحد قولي الشافعي (١)، لقوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} (٢)، وذلك خطاب للأئمة والحكام دون الزوجين، ولأنه تعالى سماهما حكمين وذلك يفيد تعلق الحكم بينهما دون الوكالة، ولقول علي - رضي الله عنه - للحكمين: أتدريان ما عليكما إن رأيتما أن تصلحا أصلحتما وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما (٣) ولم يشترط رضا الزوجين، ولأن للحاكم مدخلًا في إيقاع الفرقة بين الزوجين لإزالة الضرر كالإيلاء والإعسار بالنفقة والمهر وغير ذلك، وإنما أجزنا (٤) لهما أن يأخذا له شيئًا من مالها، لأن الإصلاح موكول إلى اجتهادهما، فقد يريان الحظ في ذلك لأنه - صلى الله عليه وسلم - قد فعل ذلك في قصة حبيبة بنت سهل مع ثابت بن قيس (٥)، وإن لم يكن ذلك على وجه التحكيم.

[فصل [٣ - في كون الحكمين من الأهل]]

وإنما استحببنا أن يكونا من أهلهما للنص على ذلك (٦)، ولأن الأهل أخبر بالقصة وأعرف بطيها وأهدى إلى إصلاحها، فكانا أولى من الأجانب، ولأن الأهلية تبعث على المبالغة في النصيحة للتناهي في الإشفاق، وإنما قلنا: أنه يجوز أن يكونا أجنبيين إن لم يكن في الأهل من يقوم بذلك لأن الغرض ما ذكرناه وكونهما من الأهل أنجز للقصة وأبلغ في إصلاحها لا أن ذلك شرط لأنه ليس في الأصول حكم شرط في متوليه أن يكون من أهل المتحاكمين.


(١) انظر: مختصر الطحاوي ص ١٩١، مختصر المزني ص ١٨٦.
(٢) سورة النساء، الآية: ٣٥.
(٣) سبق تخريج الأثر قريبًا.
(٤) في (م): اخترنا.
(٥) سبق تخريج هذا الحديث في الصفحة (٨٦٩).
(٦) كما جاء في قوله تعالى: {حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>