للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب: [أحكام القِبْلة والصلاة]

وعلى المعاين للقِبْلة استقبالها لقوله تعالى: {فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام} (١)، وقوله: {وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره} (٢)، وإن كان غائبًا عنها ففرضه الاجتهاد في طلبها بالأدلة المنصوبة عليها، فإن صلى بغير اجتهاد فلا تجزيه، وإن عميت عليه الأدلة لزمه أن يصلي إلى حيث يغلب على ظنه أن القِبْلة في تلك الجهة، فإن غلبه ظنه أنها في جهة من الجهات فصلى إليها ثم بان له أنه استدبرها فلا إعادة عليه واجبة (٣)، خلافًا للمغيرة (٤)، والشافعي (٥)، لقوله تعالى: {فأين ما تولوا فثم وجه الله} (٦)، فمفهوم هذا: أن الإجزاء يحصل على أي وجه وقع الاستقبال من الجهات، وروي عامر ابن ربيعة قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر في ليلة ظلماء ذات ريح ومطر، فحضرت الصلاة فصلى كل رجل منا على حيال وجهة لغير القبْلة، فلما أصبحنا سألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "مضت صلاتكم"، ونزلت هذه الآية: {فأين ما تولوا فثم وجه الله} (٧)، (٨)، وروى عطاء عن جابر قال: بعث رسول


(١) و (٢) سورة البقرة، الآية: ١٤٤.
(٣) انظر: المدونة: ١/ ٩٢، التفريع: ١/ ٢٦١، الكافي ص ٣٨.
(٤) المغيرة: بن عبد الرحمن المخزومي، الإمام الفقيه، أحد من دارت عليه الفتوى بالمدينة بعد مالك سمع أباه وهشام بن عروة، وأبا الزناد ومالكًا، وعنه أخذ جماعة خرَّج له البخاري، ولد سنة ١٣٤ هـ، وتوفي سنة ١٨٨ هـ (شجرة النور الزكية ص ٥٦).
(٥) انظر: الأم: ١/ ٩٤، مختصر المزني ص ١٣.
(٦) و (٧) سورة البقرة، الآية: ١١٥.
(٨) أخرجه ابن ماجه في إقامة الصلاة، باب: من يصلي لغير القِبْلة وهو لا يعلم: ١/ ٣٢٦، والترمذي في الصلاة، باب: ما جاء في الرجل يصلي لغير القِبْلة في الغم: =

<<  <  ج: ص:  >  >>