للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إطلاقه ويشبه التطهير (١)، وعند أبي حنيفة (٢) أنه على إطلاقه وأن التطهير جائز به إلا أن يكون عن طبخ فلا يجوز، ودليلنا أنه تغير بما ليس بقرار له ولا متولد عنه، بل بما ينفك عن مخالطته غالبًا، فأشبه إذا تغير بنجاسة أو بطبخ.

[فصل [٤ - الماء المتغير بالنجاسة]]

فأما ما تغير بالنجاسة فإنه نجس لا خلاف فيه (٣)، وما لم يتغير طاهر إذا كان كثيرًا وإن كان يسيرًا فمكروه (٤) إلا أنه في الحكم طاهر مطهر، ولا حد في ذلك سوى التغيير، وقال أبو حنيفة كل ماء حلته النجاسة نجس إلا أن يكون من الكثرة بحيث يعلم أن النجاسة لم تصل إلى جميعه، واعتبار ذلك عنده بأن لا يتحرك أحد طرفيه بتحرك الآخر (٥)، ودليلنا قول الله عَزَّ وجَلَّ: {وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به} (٦)، فعم، وقوله صلى الله عليه وسلم: "الماء لا ينجسه شيء إلا ما غيَّر أحد أوصافه لونه أو طعمه أو ريحه" (٧)، (وقوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث بئر بضاعة: "خلق الله الماء طهورًا لا ينجسه شيء إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه" (٨)) (٩)، ولأنه لم يتغير من نجس كما لو لم تضطرب جنباته، ولأن هذا يؤدي إلى تنجيس المياه كلها لأننا نعلم أن البحار والأنهار لا تنفك من وقوع النجاسة فيها، فإذا كان ذلك الموضع نجس يجب تنجيس ما جاوره ويمتد ذلك إلى جميعه وذلك فاسد.


(١) انظر: الرسالة ص ٨٧، الكافي ص ١٥، إذا غير أحد أوصافه.
(٢) انظر: مختصر الطحاوي ص ١٥، مختصر القدوري: ١/ ١٩: ما دام باقيًا على وقته وسيلًا منه.
(٣) انظر: الرسالة ص ٨٨، المقدمات: ١/ ٨٦، الذخيرة: ١/ ١٦٣، الكافي ص ١٥.
(٤) انظر: الرسالة ص ٨٨، التفريغ: ١/ ٢١٦، الذخيرة: ١/ ١٦٤.
(٥) انظر: مختصر الطحاوي ص ١٦، مختصر القدوري: ١/ ٢١.
(٦) سورة الأنفال، الآية: ١١.
(٧) و (٨) سبق تخريج الحديثين في الصفحة (١٧٤).
(٩) ما بين قوسين سقط من (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>