للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما قلنا إن تصرفه في المعاوضات جائز إذا لم يكن فيها محاباة لأن الحجر لا يوجب المنع من التقلب في المال لأن الورثة لا يتعلق لهم حق في أعيان المال وإنما الحق لهم في مقداره ومبلغه.

[فصل [٣٦ - الحجر على وصايا المريض المخوف عليه وما في حكمه .. ]]

الحامل إذا بلغت ستة أشهر والمحبوس للقتل في قصاص أو حد والزاحف في الصف كل هؤلاء حكمهم حكم المريض المخوف عليه في وجوب الحجر عليهم (١)، خلافًا لأبي حنيفة والشافعي في إجازتهما لهم التصرف ما لم يضرب الحامل الطلق ويقرب المحبوس إلى القتل وتقدم الزاحف إلى البراز (٢)، لقوله تعالى: {فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللهَ رَبَّهُمَا} (٣) قيل في التفسير لما بلغت ستة أشهر (٤)، ولأنها بلغت حد الوضع كبلوغها حال الطلق، ولأن الله تعالى (٥) قد جعل حضور سبب الموت كحضور الموت نفسه فقال {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} (٦) يريد أسبابه وعلاماته، وهذا موجود في المحبوس للقتل والزاحف في الصف، ولأن تجويز الموت عليهم مع حضور سببه كتجويزه على المريض مع اختلاف الأمراض المخوفة في زيادة بقاء المرض (٧) وسرعة تلفه، فإذا كان لا اعتبار به فكذلك في مسألتنا.

أما الراكب في البحر الخائف من الغرق: فقال ابن القاسم حكمه الصحيح، وقال أشهب حكمه حكم الحامل إذا بلغت ستة أشهر والزاحف في الصف، وهذا أقيس لأنها حال خوف على النفس كإثقال الحامل.


(١) انظر الموطأ: ٢/ ٧٦٥، التفريع: ٢/ ٣٣١، الرسالة: ٢٢٣، الكافي: ٥٤٥.
(٢) انظر مختصر الطحاوي: ١٥٩، الأم: ٤/ ١١٩.
(٣) سورة الأعراف، الآية: ١٨٩.
(٤) انظر تفسير الطبري: ٩/ ١٤٤.
(٥) في م: عز وجل.
(٦) سورة آل عمران الآية: ١٤٣.
(٧) في ق في زيادتها المرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>