للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زمن طويل إلا ميمونًا لعدوه هاذيًا هذا هو المتعارف من خطابهم، ولأن الاستثناء لما كان لا يفيد بانفراده لتعلقه بما تقدم لم يحسن إفراده عنه كما لا يحسن الابتداء به، ولأنهم يجرونه مجرى الشرط والتقييد وخبر المبتدأ وكل ذلك يجب اتصاله بالكلام، ولأن ذلك يؤدي إلى أن لا يوثق أحد من أحد بوعد أو وعيد وأن يتوقف في الأوامر والنواهي والأخبار بجواز ورود الاستثناء عليها بعد تراخي الوقت وهذا على طريقة من منع تأخير البيان من أصحابنا هذا حجة المسألة (١) من طريق اللغة.

[فصل [٢١ - دليل وقوع الحنث]]

فأما ما يدل على وقوع الحنث وأن إيراد الاستثناء متراخيًا لا يؤثر في سقوط الكفارة فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه" (٢) موضع الدليل: أنه قصد بيان ما يخرج به عن اليمين فلو كان الاستثناء مخرج عنها لذكره لأنه أخف من الحنث ومن الكفار، ولأن ذلك يؤدي إلى أن لا يحنث أحد في يمين لأنه إذا أراد المخالفة استثنى وانحلت يمينه، ولا يجوز التعلق في ذلك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "والله لأغزون قريشا" ثم سكت ساعة ثم قال: "إن شاء الله" (٣) لأن ذلك امتثال لأمر لله تعالى لأنه كان أْنْسِيَ أن يصله بالكلام ثم ذكر وهذا تأويل أبي عبيد (٤)، وهذا إذا قطعه عن اليمين مختارا فأما إن انقطع عليه بسعال أو بسعال أو انقطع نفس أو تثاوب أو ما أشبة ذلك ثم وصله بيمينه فإنه يصح.


(١) المسألة سقطت من م.
(٢) سبق تخريج الحديث في الصفحة (٦٣٠).
(٣) أخرجه أبو داود في الأيمان باب الاستثناء في اليمين بعد السكوت: ٣/ ٥٨٩، والبيهقي: ١٠/ ٤٨، وابن حبان وأبو يعلى وابن عدي في الكامل والحديث مرسل (نصب الراية: ٣/ ٣٠٣).
(٤) انظر فتح الباري: ١١/ ٦٠٣.
وأبو عبيد: هو القاسم بن سلام الهروي الأزدي الخزاعي من كبار علماء الحديث والفقه والأدب، ثقة فاضل، ت ٢٢٤ هـ بمكة (تقريب التهذيب ص ٤٥٠، شذرات الذهب: ٢/ ٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>