للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقدت انحلت قوة بقية الأصابع وضعفت فأثر ذلك في ضعف التصرف ونقص (١) العمل، والأصبع الواحدة غير الإبهام مختلف فيه، فأما قطع الأنملة وطرف الأصبع، فإنه يسير لأنه لا يوقع نقصًا في المنافع بيِّنًا ولا يضر في منع التصرف إضرارًا شديدًا وأقطع الأذنين لا يجزيء لأنهما عضوان فيهما منفعة وهو حوش (٢) الصوت إلى السمع ودفع الضرر عنه، ولأن في ذهابهما تشويهًا بالخلق.

[فصل [١٠ - إذا كان العبد أعمى لا يجزي]]

ولا يجزيء الأعمى لأن بذهاب البصر يصير في حكم الزَمِن الذي لا تمكنه الحركة ولا التصرف، واختلف في الأعور فقال مالك: يجزي لأن العين الواحدة تقوم له مقام العينين أو قريبًا منهما، فكان كمن بعينيه ضعف، وقال عبد الملك: لا يجزيء لأنه فقد ما يجب به شطر الدية كأقطع اليد.

واختلف في الأصم فإذا قيل: يجزئ فلأن ذهاب السمع لا يضر بالعمل ولا بالتصرف الإضرار الشديد، ولأن أكثر ما فيه صعوبة (٣) فهمه بالكلام وذلك يوصل إليه بما يقوم مقامه من الإشارة، فهذا قيل: أنه لا يجزئ فلأنه نوع منفعة كاملة تضر بالعمل كالعمي وهو فرع النظر، والخرس يمنع الإجزاء (٤) خلافًا للشافعي (٥)، وإن كان معه صمم فهو أبين لأن فقد الكلام يجري مجرى فقد البصر واليد والرجل لأنه يضر بعمله وينقص تصرفه ويصعب إفهامه ونقل رغبة الناس فيه والمجنون لا يجزئ، لأن فقد العقل أعظم من فقد جميع ما ذكرناه في انقطاع التصرف والعمل.


(١) في (ق): تقطع.
(٢) في (ر): حسوس.
(٣) في (ق): معونة.
(٤) انظر: المدونة: ٢/ ٣١٣ - ٣١٥، التفريع: ٢/ ٩٦ - ٩٧، الرسالة ص ٢٠٤.
(٥) انظر: الأم: ٥/ ٢٨٢، الإقناع ص ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>