للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل [١٦ - في أن الحج على الفور]]

والحج على الفور (١) لا يجوز تأخيره للقادر عليه إلا من عذر (٢)، وقال الشافعي: هو على التراخي (٣)، فإن شاء فعله، وإن شاء تركه طول عمره بشرط العزم على أدائه من غير وقت معين ولا إثم عليه إن مات ولم يفعله، فينتقل الكلام إلى الأصل في الأوامر المطلقة هل هي على الفور أم (٤) التراخي (٥)؟

ودليلنا أنها على الفور أن الأمر اقتضى إيقاع الفعل، وكان الفعل لا بد له من زمان يقع فيه ولا ذكر له في اللفظ بتقديم ولا تأخير، وكانت الأفعال تختلف أحكامها باختلاف أوقاتها، فيكون الفعل في وقت طاعة وفي غيره معصية لم يثبت له وقت إلا بدليل.

وأجمعوا على أنه إذا وقع في الوقت الأول، فقد أوقع في وقته فلم يثبت ما عداه وقتًا له إلا بدليل، ولأن الأمر لما اقتضى الإيقاع ولم يكن للترك ذكر وجب فعله عقيب الأمر، ولأن تأخيره لو جاز لم يخل أن يكون إلى غاية أو لا إلى غاية: فإن كان فذلك توقيت له، وخلاف التراخي، وإن كان لا إلى غاية لم يخل المكلف إذا مات قبل الفعل أن يكون آثمًا أو غير آثم.

وفي القول بأنه آثم وجوب الجمع بين جواز الترك والمعصية به، وأن يحظر الله تعالى ترك الفعل في وقت لا بينه للمكلف وذلك غير صحيح.

وفي القول بأنه غير آثم إخراج الفعل عن الوجوب إلى الندب؛ لأن الندب


(١) الفور: هو نبع وجرى، وعند الفقهاء على الفور: على الوقت الحاضر الذي لا تأخير فيه (المصباح المنير ص ٤٨٢).
(٢) انظر: التفريع: ١/ ٣١٥، الكافي ص ١٣٣، المقدمات: ١/ ٣٨١.
(٣) انظر: مختصر المزني ص ٦٢، الإقناع ص ٨٢.
(٤) في (م): أو.
(٥) هذه قاعدة أصولية مختلف فيه انظر: مختصر ابن الحاجب: ٢/ ٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>