للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زفر لا يصح استثناء من غير الجنس، ودليلنا على جوازه ورود اللغة به قال الله تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٣٠) إِلَّا إِبْلِيسَ} (١)، وقال الشاعر (٢):

وبلدة ليس بها أنيس .. إلا اليعافير وإلا العيس

ولا يقال لشيء من هذا أنيس؛ وقال آخر (٣): وما بالربع من أحد إلا الأواري، ودليلنا على أنه لا فرق بين ما يكال ويوزن وبين غيره أن أهل اللغة لم يفرقوا بين ذلك ولا اعتبروا هذا الفرق، واعتبارا بما يكال ويوزن.

[فصل [١٢ - في استثناء الأكثر من الأقل]]

استثناء الأكثر من الأقل (٤) يجوز خلافًا لعبد الملك وغيره (٥)، ولأن معنى الاستثناء أن يخرج من الكلام ما لولاه لوجب تناوله له وهذا يصح في الكثير إذا أخرج (٦) عن القليل كصحته في القليل إذا أخرج (٧) من الكثير، وليس فيه إلا أن استعمالهم له يقل أو يستقبح وذلك لا يمنع تعلق الأحكام به، ولأنه لو قال بعتك هذه الدار إلا خمسة أسداسها لصح ولكان بيعا للسدس، وكل استثناء صح في البيع صح في الإقرار كالقليل (٨).


(١) سورة الحجر، الآية: ٣٠.
(٢) الرجز لجران العود، وهو من الشواهد النحوية (انظر معجم الشواهد النحوية ص ٤٨١) واليعافير: تيوس الظباء (الصحاح: ٢/ ٧٥٢).
والعيس: إبل بيض في بياضها ظلمة خفية، والواحدة عيساء (الصحاح: ٣/ ٩٥٤).
(٣) هو النابغة الذبياني (انظر ديوانه ص ٢، ٣) والأواري: حرارة النار والشمس وحرارة العطش أيضًا (الصحاح: ٢/ ٥٨٣).
(٤) مراده مع بقاء الأقل من المستثنى منه.
(٥) انظر: مواهب الجليل- مع حاشية المواق- ٥/ ٢٣٠ - ٢٣١.
(٦) و (٧) في ق: خرج.
(٨) في م: كالكثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>