للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليها لآخر، ومثله حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لما خطب امرأة لابنه عبد الله ولمروان (١) وغيره، ثم خطبها لنفسه معهم فقالت المرأة: أجاد أمير المؤمنين أم هازل؟ قال: بل جاد، فقالت: قد أنكحتك" (٢)، فاستجاز عمر لنفسه أن يخطبها معهم لما لم يكن من جهتها إنعام لواحد منهم ولا إجابة ولا ركون ولا وعد لتقرير فدل على ما قلناه.

[فصل [١٦ - في الخطبة على الخطبة في حالة الركون]]

الحالة الثانية: أن تنعم المرأة وتجيب وتركن إلى الخاطب ويتمهد (٣) الأمر بينهما ويشترط كل واحد منهما على الآخر ما يريده ولم يبق إلا العقد أو قريب منه، فهذه الحال التي يمنع فيها أن يخطب الغير على خطبة من قد انتهى إليها (٤) فمتى خطب وعقد له عليه فالعقد غير صحيح ويفسخ على الظاهر من المذهب (٥) خلافًا لأبي حنيفة والشافعي (٦)، ولمن ذهب إلى خلافه من أصحابنا (٧)، لنهيه - صلى الله عليه وسلم - أن يخطب الإنسان على خطبة أخيه (٨)، والنهي يقتضي الفساد، ولأن هذا ذريعة إلى الإفساد على الناس وإدخال الأذى عليهم لأنه لا


(١) مروان بن الحكم: بن أبي العاص بن أمية، أبو عبد الملك الأموي المدني، ولي الخلافة في آخر سنة أربع وستين، مات سنة ١٠٥ هـ (تقريب التهذيب ص ٥٢٥).
(٢) عزاه ابن كثير إلى ابن عساكر (انظر البداية والنهاية: ٨/ ٢٥٧، المغني: ٦/ ٦٠٥).
(٣) في (ق): يتمادى.
(٤) في (ق): إليه.
(٥) انظر: الموطأ: ٢/ ٥٢٣، المقدمات: ١/ ٤٨١، بداية المجتهد: ٦/ ٣٥١ - ٣٥٣، الكافي ص ٢٣٠.
(٦) انظر: بدائع الصنائع: ٣/ ١٤١٠، المهذب: ٢/ ٤٧.
(٧) قال ابن عبد البر: وعن أصحاب مالك في هذا الباب آراء مختلفة واضطراب (الكافي ص ٢٣٠).
(٨) أخرجه البخاري في النكاح، باب: لا يخطب على خطبة أخيه: ٦/ ١٣٦، ومسلم في النكاح، باب تحريم الخطبة على خطبة أخيه: ٢/ ١٠٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>