للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكفارة معنى يرفع حكم اليمين فلم تتعلق بالحلف (١) على الماضي أصله الاستثناء، ولأن الحنث مخالفة الشيء المحلوف عليه لليمين وذلك يقتضي تقديم اليمين ليصح وصف الفعل إذا وقع بأنه حنث ومتى تأخرت عنه وقع عاريا من الحكم له بذلك فلا يصير محكوما له من بعد.

[فصل [١٥ - اليمين المنعقدة]]

فأما المنعقد فهو ما تأتى البر والحنث فيه (٢) وذلك هو الحلف على المستقبل وينقسم أربعة أقسام (٣): أحدها أن يحلف لا فعلت، والثاني إن فعلت، والثالث لأفعلن، والرابع إن لم أفعل، فأما يمينه لا فعلت وإن فعلت فهو على بر لا يحنث إلا بأن يفعل ما حلف أن لا يفعله فتلزمه حينئذ الكفارة.

[فصل [١٦ - البر والحنث]]

وإنما قلنا ذلك لأن الأيمان مترددة بين البر والحنث وترقبهما فالبر هو الموافقة مثل أن يحلف ليضربن عبده أو ليدخلن الدار فيفعل ذلك، والحنث بالمخالفة من أن يحلف أن لا يفعله فيفعله، وإذا ثبت ذلك فهذا إذا حلف أن لا يفعل هو وقت حلفه غير فاعل فهو على بر، وإنما الحنث مترقب فيما بعد فإن فعل حنث لأن المخالفة حينئذ وجدت منه فإن لم يفعل فهو على أصل البر وكذلك قوله: إن فعلت؛ فأما يمينه لأفعلن وإن لم أفعل فإنه على حنث يفعل فيبر، وإنما قلنا ذلك لأن المخالفة موجودة منه في الحال لأنه قال إن لم أضرب عبدي فهو في الحال غير ضارب فهذا حنث إذ الحنث ليس بكثر من المخالفة والبر مترقب فيما بعد: كالحالف لا فعلت لأن الموافقة موجودة والحنث مترقب فيما بعد، فإذا ثبت ذلك فإن الحنث لا يتحقق عليه إلا بأحد أمرين: إما بأن يأتي حال يستحيل معها فعل


(١) في ق: بالحنث.
(٢) البر: هو الموافقة لما حلف، والحنث: مخالفة الشيء المحلوف عليه لليمين.
(٣) انظر المدونة: ٢/ ٢٩، التفريع: ١/ ٣٨٣، الرسالة ص ١٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>