للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحد إلا يكون مثل حاله لأحب ذلك لئلا ينفرد بالعار فيكون في مشاركة غيره له سلوة وقد نبه الله تعالى على هذا المعنى بقوله {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} (١) معناه لما كنتم تعتقدون في الدنيا من المشاركة في الشدة يحدث معها السلوة لمن هو فيها غير خالصة (٢) لكم، ونحو ذلك روي عن عثمان - رضي الله عنه - أنه قال: ودت الزانية أن النساء كلهن زنين (٣)، فأخبر أن ذلك طبع في الناس أن المعرور يحب أن يشاركه كل واحد في معرته ليقل من يعيره بذلك وإذا صح قوة التهمة في هذه الشهادة بما ذكرناه وجب ردها.

[فصل [٣٧ - في شهادة من كان على كبيرة]]

وأما من كان على كبيرة مثل الزنا وشرب الخمر (٤) وغيره فتاب منها، فوجه القول أن شهادته لا تقبل في مثل ذلك الشيء اعتباره بمسألتنا بعلة أنه معنى يلحق به العار فاتهم بمشاركة غيره له في المعرة، ووجه القول بأنها تقبل أن معرة هذه الأشياء تزول بالتوبة منها كالكافر يسلم ويفارق ولد الزنا لأن معرته لا تزول فالتهمة لا تفارقه.

[فصل [٣٨ - في عدم قبول شهادة الفاسق والكافر والصبي والعبد بعد زوال العدل المناعة]]

وإنما قلنا في الفاسق والكافر والصبي والعبد إنهم إذا شهدوا بشهادة فردت ثم شهدوا بها بعد زوال العلل المانعة من قبول شهادتهم أنها لا تقبل خلافًا لأبي حنيفة والشافعي (٥) فيمن عدا الفاسق للتهمة منهم أن يكونوا إنما شهدوا بها


(١) سورة الزخرف الآية: ٣٩.
(٢) في ق: خاصلة.
(٣) ذكره ابن قدامة في المغني: ٩/ ١٩٦، وشكك في نسبه ذلك لعثمان - رضي الله عنه -.
(٤) في م: والشراب.
(٥) انظر مختصر الطحاوي: ٣٣٣، الإقناع: ٢٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>