للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب [في حد السحر]]

والسحر له حقيقة خلافًا لمن نفاه (١)، لقوله تعالى: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} (٢) فجعلهم كفرة، فثبت أن له حقيقة فإذا فعل السحر بنفسه لم يستتب فإن قال قد تبت لم تقبل توبته (٣) خلافًا للشافعي (٤)، لأنه مستتر به فلا تقبل التوبة منه كالزنديق (٥)، ولأن علمه به وفعله له كفر عندنا بدليل قوله تعالى: {إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} (٦) أي لا تتعلم السحر، ولأن الآلام الواصلة إلى الحيوان التي تضر بهم وتقتلهم (٧) من فعل الله تعالى وهو المنفرد بالقدرة عليها واعتقاد الإنسان أن ذلك فعله وأنه قادر عليه كفر. وأما إذا (٨) دفع شيئًا إلى من عمل له السحر فلا يقتل لأنه ليس بساحر بهذا الفعل وهو كمن دفع مالا إلى رجل ليقتل له إنسانًا فلا يقتل الدافع للمال ولا يكون قاتلًا بذلك.


(١) ذهب بعض أصحاب الشافعي إلى أنه لا حقيقة له، وقال أصحاب أبي حنيفة إن كان يصل إلى بدن المسحور كدخان ونحوه جاز أن يحصل منه ذلك فأما أن يحصل المرض والموت من غير أن يصل إلى بدنه شيء فلا يجوز (انظر فتح القدير: ٤/ ٤٠٨ والمهذب: ٢/ ٢٢٤، المغنى: ٨/ ١٥٠).
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٠٢.
(٣) انظر التفريع: ٢/ ٢٣٢، الرسالة: ٢٤٠، الكافي: ٥٨٥.
(٤) انظر مختصر المزني: ٢٦٠.
(٥) في م: كالزندقة.
(٦) سورة البقرة، الآية: ١٠٢.
(٧) في م: تقيلهم.
(٨) في م: من.

<<  <  ج: ص:  >  >>