للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل [٢٦ - الحقوق التي تغلظ فيها الأيمان]]

فأما الحقوق التي تغلظ فيها فينظر فإن كانت الدعوى في غير المال مثل الدماء والطلاق والعتاق وما أشبه ذلك فإن اليمين (١) تغلظ في ذلك كله، وإن كانت الدعوى في مال فلا تغلظ فيه عن المنبر في التافه اليسير وهو ما دون ربع دينار من الذهب أو ثلاثة دراهم من الورق وتغلظ في ربع دينار وفي ثلاثة دراهم فصاعدا (٢)، وقال الشافعي: تغلظ في العشرين دينارًا دون ما قصر عنها (٣)، وقال بعض المتأخرين تغلظ في القليل والكثير (٤).

ودليلنا علي أنه لا تغلظ في اليسير ما روي أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه رأى رجلًا يحلف عند المنبر فقال: أعلى دم، فقال، لا، فقال: على عظيم من المال فقال لا، فقال لقد خشيت أن يتهاون الناس بهذا المكان (٥)، ولم ينكر ذلك عليه أحد فثبت تقدير المحلوف عليه، ولأن المقصود من التغليظ الردع والزجر بحرمة الموضع المحلوف عنده فيجب أن يكون ذلك فيما له خطر وقدر إعظامًا للموضع وتأكيدا لحرمته، ودليلنا على أنه تغلظ في ربع دينار أنه قدر من المال تثبت به حرمته في الشرع بدليل أنه يقطع فيه اليد وأنه أقل ما يستباح به البضع فجاز التغليظ فيه كنصاب الزكاة، ولأنه خارج عن التفاهة والنذارة بدليل ما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقطع في التافه وكان يقطع في ربع دينار (٦).


(١) في م: الأيمان.
(٢) انظر الموطأ: ٢/ ٧٢٨، التفريع: ٢/ ٢٤٤، الكافي: ٤٨٠.
(٣) انظر الأم: ٧/ ٣٦، مختصر المزني: ٣٠٨.
(٤) قاله ابن جرير (المغني: ٩/ ٢٢٩).
(٥) أخرجه الشافعي في الأم: ٧/ ٣٦، والبيهقي في سننه: ١٠/ ١٧٦.
(٦) سبق تخريج الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>