للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل [١٥ - في قتل من سب النبي - صلى الله عليه وسلم -]]

ومن سب النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل ولم تقبل توبته، وفي الكافر روايتان: إحداهما أن توبته لا تقبل، والأخرى أنها تقبل وهذا إذا سبه بغير الوجه الذي كفر به (١) وإنما قلنا إن المسلم أو الكافر إذا سب النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل أن ذلك علم على ارتداده وقد قال - صلى الله عليه وسلم - "من بدل دينه فاقتلوه" (٢) وقوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ} (٣) فأخبر أن الإيمان لا يحصل منهم متى لم يحكموه بينهم ويعتقدوا أنه يحكم بالصواب، ولأن أبا بكر رضوان الله عليه سبه رجل فقام رجل فشهر سيفه ليضرب عنقه فقال أبو بكر: ما الذي أنت صانع فقال أقتله لسبه إياك فقال: ليس ذلك إلا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٤).

ولم يخالف عليه أحد، ويعرض الكلام في قذفه - صلى الله عليه وسلم -، فنقول إن القذف يراعى فيه الإحصان وللإحصان تأثير فيه يتعلق به الحد فيجب أن يكون منه ما يتعلق به القتل أصله الزنا.

وقولنا يتعلق به الإحصان احترازًا من الشرب، وإذا ثبت أن منه ما يوجب القتل فليس ذلك إلا للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ولأن حد القذف مبني على حسب حرمة المقذوف ألا ترى أنه لا حد على قاذف الكافر لأنه لا حرمة له وكذلك قاذف العبد لنقصان حرمته عن الحر، وحرمة النبي - صلى الله عليه وسلم - أعظم من حرمة جميع أمته بمزية لا يشاركه فيها أحد منهم فوجب أن يكون لحد قذفه زيادة على غيره وليس إلا القتل.


(١) انظر التفريع: ٢/ ٢٣٢، الرسالة: ٢٤٠، الكافي ٥٨٥.
(٢) سبق تخريج الحديث ص ١٣٦٢.
(٣) سورة النساء: ٦٥.
(٤) البيهقي: ٧/ ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>