للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طريق الإعانة مع كون أصله مباحًا كما لو احتاج إليه للشرب وإذا قلنا إن له منعه فلأن وجوب البدل لا يتضمن الإتلاف اعتبارًا بالعلم.

[فصل [٣ - فيمن سأله جاره بغرز خشبة في جداره]]

وينبغي لمن سأله جاره أن يغرر خشبة في جداره أن يجبيه إلى ذلك ولا يمنعه، فإن أبي لم يجبر عليه (١)، وإنما استحببناه له لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يمنعن أحدكم أخاه أن يضع خشبة على جداره (٢) "، ولأن في ذلك رفقًا بالجار ومعونة له وهو من مكارم الأخلاق ومعالي الأمور مع الوصية بالجار وحسن المجاورة، وإنما قلنا لا يقض بذلك عليه خلافًا لمن أوجبه، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل مال امريء مسلم إلا عن طيب نفس منه" (٣) ولأن الحائط ملك له فلم يكن عليه بذله لغيره ليتصرف فيه كما لو أراد أن يفتح فيه بابًا أو كوة.

[فصل [٤ - إذا أذن له بغرز الخشب في جداره ثم طالبه بقلعه]]

وإذا أذن له في ذلك ثم طالبه بقلعه: فإن كان لحاجته إلى بناء جداره أو لأمر لا بد له منه كان (٤) له ذلك لأنّه لم يكلف من حق الجار ما يضر نفسه كما لا يكلف بذل مائه لزرع جاره وهو محتاج إليه، وإن لم يكن به ضرورة إليه وإنما أراد الإضرار بجاره وأذيته لم يمكن من ذلك، ويفارق حال الابتداء لأنه إذا لم يأذن في الابتداء فلم يتعلق عليه حق فإذا أذن فقد ضمن تبقية ما أذن فيه على الوجه الذي يؤدي إلى مثله في العادة فليس له الرجوع فيه (٥).


(١) انظر: التفريع: ٢/ ٢٩٢.
(٢) أخرجه البخاري في المظالم باب لا يمنع جار جاره أن يغرز … ٣/ ١٠٢، ومسلم في المساقاة باب غرز الخشب في جدار الجار: ٣/ ١٢٣٠.
(٣) أخرجه الدارقطني: ٣/ ٢٦، والبيهقي: ٦/ ١٠٠، وأبو يعلى: ٣/ ١٤٠، إسناده جيد (تلخيص الحبير: ٣/ ٤٥، ونصب الراية: ٤/ ١٦٩).
(٤) منه كان: سقطت من م.
(٥) انظر: التفريع ٢/ ٢٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>