للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب [شهادة الأعمى]]

شهادة الأعمى جائزة في كل ما وقع له العلم به، وإنما يمنع فيما طريقه الرؤية فقط فيقبل على ما يلمسه أنه حار أو بارد أو لين أو خشن وفيما يذوقه أنه حلو أو حامض وفيما يشمه وكذلك فيما يسمعه (١)، والدليل على ذلك أن العمى لا يؤثر في العلم بما يشهد من ذلك فكان فقد البصر كفقد غيره من الأعضاء في أنه لا يمنع قبول ما يتحمله من الشهادة به، فأما شهادته بالإقرار وما طريقه الصوت فيقبل عندنا سواء تحملها أعمى أو بصير ثم عمي خلافًا لأبي حنيفة والشافعي في قولهما أنها لا تقبل إذا تحملها أعمى (٢)؛ لأن الصوت طريق لمعرفة الأشخاص والتمييز بين الأعيان شرعًا وعادة: أما الشرع فدليل مالك رحمه الله أن الصحابة والتابعين رووا عن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعلوم أنهم سمعوا منهن من وراء حجاب وإنما كانوا يميزون بين أشخاصهن بالصوت، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم (٣)، ولم يكونوا يفرقوا بينهما إلا بالصوت، ولأن الإقدام على الفروج أغلظ من الشهادة عليه بالحقوق وقد ثبت أن الأعمى يطأ زوجته وهو لا يعرفها إلا بالصوت فدل (٤) ذلك إجماع على أن الصوت طريق يميز به بين الأشخاص.

وأما العادة (٥) فهي أن الأعمى إذا تكرر عليه سماع صوت زوجته وولده


(١) انظر التفريع: ٢/ ٢٣٦، الكافي: ٤٦٤.
(٢) انظر مختصر القدوري- مع شرح الميداني: ٤/ ٦٠، الإقناع: ٢٠٢.
(٣) سبق تخريج الحديث ص ٢٠٨.
(٤) في ق: فدليل.
(٥) العادة: سقطت من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>