للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما وجحد الآخر، ولأن إقراره ليس بأكثر من شهادته وشهادة الواحد غير مقبولة فإقراره على الغير أولى، ويفارق الجماعة لأن شهادتهم تقبل في حق الغير.

[فصل [٢٤ - إذا قال لك وأنا غير بالغ]]

إذا قال: أقررت لي بمائة دينار وأنت بالغ، فقال بل أقررت بها لك وأنا غير بالغ: قال محمد بن عبد الحكم القول قول المقر مع يمينه، وأظن غيره من أصحابنا من يقول القول قول المدعي (١)، فوجه الأول أن المدعي [يدعي] (٢) إلحاق دين بذمة المقر والمقر ينفي ذلك فلا يقبل منه إلا ببينة، ووجه الثاني أن الإقرار متفق على حصوله إلا أن المقر يزعم أنه لا حكم له فلا يقبل منه إلا أن تقوم له بينة بما يدعيه، وكذلك لو كان مجنونًا فبريء فاختلفا في الإقرار (٣)، فأما لو ادعي أنه كان مجنونًا وقال أقررت لك في حال الجنون ولم يعلم أنه كان (٤) مجنونًا والمدعي يزعم أن الإقرار وقع في الصحة فلأصحابنا فيها مذهبان:

أحدهما أن القول قول المقر مع يمينه (٥) ووجه هذا اعتباره به إذا قال: أقررت لك وأنا صبي لأنه أضاف الإقرار إلى حال لا يتعلق بها حكم، والآخران القول قول المدعي، والفرق على هذا بينه وبين الصبي أن الصبي معلوم حصوله والمدعي زعم بعد زواله فيحتاج إلى بينة، وليس كذلك الجنون لأنه لم يثبت ما يدعيه المقر منه فلم تقبل إضافته الإقرار إلى حال لا يعلم أنه كان عليها، ومثل ذلك لو قال: قذفتني وأنت بالغ، فقال: قذفتك وأنا صبي الحكم فيه واحد، ولو أقر وهو بالغ عاقل أنه كان استهلك له مائة دينار حال صغره أو جنونه غرم له لأن هذه أحوال يثبت معها حكم لزوم المال بالاستهلاك بدليل أن البينة لو قامت بذلك للزمه فكذلك إقراره يلزمه به ما يلزمه بالبينة.


(١) انظر: مواهب الجليل- مع حاشية المواق: ٥/ ٢٢٦ - ٢٢٧.
(٢) ما بين معقوفتين مطموس في ق وم.
(٣) في ق: المقدار.
(٤) في ق: لأنه.
(٥) في ق: ببينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>