للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوجه القول بأن شرط البراءة جائز قوله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (١)، ولأن ابن عمر باع غلامًا له بثمان مائة درهم بالبراءة فقال المبتاع: به عيب لم تسمه، فقال ابن عمر: "بعت بالبراءة فاختصما إلى عثمان فقضى عليه أن يحلف لقد باعه العبد وما به داء يعلمه (٢) " موضع الدليل (٣) أن ابن عمر باع بالبراءة ولم ينكر عليه عثمان، وإنما رأى البراءة مع العلم بالعيب لا ينفع (٤) ولم يخالف عليه أحد، ولأنه شرط البراءة من عيب لم يدلس به ولا كتمه فأشبه إذا أراه إياه، ولا يدخل عليه العروض لأنا اعتللنا للجواز في الجملة.

[فصل [٢ - في عدم البراءة مما علم من العيوب]]

ودليلنا على أنه لا يبرأ مما علم خلافًا لأبي حنيفة (٥)، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا بعت فقل لا خلابة" (٦) وهذا موجود في مسألتنا، وما رويناه من حديث عثمان وابن عمر، ولأنه عيب وجد بالمبيع لم يوجد رضا به ولا إبراء لبائعه على أنه عالم به، فلم يلزم المشتري أصله إذا لم يشترط البراءة منه.

[فصل [٣ - وجه التفرقة بين الرقيق وغيره]]

ووجه التفرقة بين الرقيق وغيره من الحيوان: أن الرقيق يقدرون على إخفاء ما بهم من العيوب وكتمانه، فلا يصل المالك إلى علم ذلك فجُوِّز له البيع بالبراءة للأمارة الدالة على صدقه في عدم علمه بعيب إن كان به وسائر الحيوان بخلافهم لأنه لا قدرة فيها (٧) على كتم عيوبها، فالبائع والمشتري يتساويان في ذلك، فلم يجز له البيع بالبراءة إلا ما يسميه له.


(١) سورة المائدة، الآية: ١.
(٢) انظر: الموطأ: ٢/ ٦١٣.
(٣) ما بين قوسين سقط من (ق).
(٤) في (م): لا تقع.
(٥) انظر: مختصر الطحاوي ص ٨١، مختصر القدوري مع شرح الميداني: ٢/ ٢٠ - ٢١.
(٦) سبق تخريج الحديث ص ١٠٤٩.
(٧) في (م) فيهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>