للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليهم (١)، ورد أبا جندل (٢) وأبا بصير (٣) يمشيان في قيودهما وجاءاه مسلمين وقال: "سيجعل الله لكما فرجا ومخرجا" (٤).

[فصل [٤٦ - فيمن أسلم على وجه الصلح وله أرض]]

ومن أسلم على وجه الصلح فأرضه ملك له لا يعترض عليه فيها كسائر أملاكه، ومن فتحت أرضه عنوة فهي مغنومة لا يكون أحق بها كسائر الأموال المغنومة عنهم (٥)، فإن كانت عامرة ووجد الإِمام من يسكنها من المسلمين ويؤدى خراجها تركها وقفا للمسلمين ولم يقسمها كأرض السواد خلافا لمن يقول أنها تقسم (٦) لإخبار الله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى … } إلى قوله: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} (٧) وبذلك احتج عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال أن هذه الآية مستوعبة لجميع المسلمين حتى الراعي بعدن (٨)، وطولب بقسمتها فامتنع فلج به بلال فقال: اللهم اكفني بلالا وذوي بلال (٩)، ولم ينكر أحد من الصحابة عليه ذلك، وتلاه عثمان وعلي رضي الله عنهما على مثله (١٠)، ومع ذلك فإن رأي الإِمام في وقت من الأوقات قسمتها رأيا لم يمتنع أن


(١) أخرجه الحاكم: ٣/ ٥٩٨.
(٢) أبو جندل: العاص بن سهيل بن عبد شمس بن عبد ود الصحابي الجليل توفي شهيدا في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة (شذرات الذهب: ١/ ٣٠، سير أعلام النبلاء: ١/ ١٩٣).
(٣) أبو بصير: اختلف في اسمه ونسبه، فقيل عبيد بن أسيد بن جارية، وقيل اسمه عتبه بن جارية بن أسيد، وقال ابن إسحاق أبو بصير: عتبه بن أسيد جارية، قصته عام الحديبية مشهورة (الأنساب: ٤/ ١٦١٢).
(٤) أخرجه البخاري في الصلح مع المشركين: ٣/ ١٦٨.
(٥) انظر: الفواكه الدواني: ١/ ٤١٨.
(٦) يقول ابن حزم بتقسيمها (انظر: المحلى: ٧/ ٣٤٤).
(٧) سورة الحشر: الآية، ٧ - ١٠.
(٨) سبق تخريج الأثر.
(٩) انظر البيهقي: ٦/ ٣٥١.
(١٠) انظر عبد الرزاق: ٥/ ٢٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>