للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأجرة ساقطة عن مستأجره هذا قول ابن القاسم، وشيخنا (١) أبو بكر الأبهري وغيره يزعمون أن ذلك يصح وتلزم الأجرة فيه إذا كان المالك حاضرًا معه (٢)، ولابن القاسم أن الإجارة معاوضة على منافع الأعيان وإذا كانت العين نفسها لا يصح الانتفاع بها مع تبقيتها وإنما يصح مع إبدالها ببيع وغيره لم تصح إجارتها، وقد علم أن الدنانير والدراهم لا منفعة فيها مع بقاء العين، فلا يستحق أن يبذل العوض في مقابلتها بخلاف الدور والدواب وغيرها فلم يصح إجارتها.

وإنما قلنا: إن إجارتها قرضها لأن ربها ملك المدفوع إليه الانتفاع بها ولا ينتفع إلا بإتلاف أعيانها فصار ذلك ملكًا له، فلو قلنا: إنه تلزمه أجرة لكان في معناه قرض جر نفعًا، ودراهم بدراهم متفاضلة وذلك غير جائز، ووجه القول الآخر أن الانتفاع بهما يمكن بأن يضعها المستأجر بين يديه يتكثر بها ويتجمل، وله غرض في أن يرى الناس معه دنانير ودراهم فينفعه ذلك فيما يقصده به، وإذا كان كذلك صحت إجارتها.

وإنّما قلنا: يجب أن يكون المالك معها لئلا ينفقها المستأجر ويعطيه بدلها وزيادة فيكون تفاضلًا وقرضًا جر نفعًا.

[فصل [٥ - في حكم عقد الإجارة]]

عقد الإجارة لازم من الطرفين ليس لأحد المتعاقدين فسخه مع إمكان استيفاء المنافع المعقود عليها (٣) خلافًا لأبي حنيفة في قوله: إن العقد يجوز أن يفسخ بوجود العذر في حق المكتري أو المكري وإن أمكن استيفاء المنفعة مثل أن يكتري جمالًا للحج ثم يبدو له أو يمرض فله الفسخ، أو دارًا يسكنها ثم يريد السفر أو دكانًا ليتجر فيه فتحترق متاعه فله الفسخ عنده في ذلك كله (٤).


(١) في (م): وقول.
(٢) انظر: التفريع: ٢/ ١٨٢، الكافي ص ٣٧٣.
(٣) انظر: المدونة: ٣/ ٤٢٩، التفريع: ٢/ ١٨٧ - ١٨٨، الكافي ص ٣٦٨، المقدمات: ٢/ ١٦٦ - ١٦٧ و ١٨٤.
(٤) انظر: مختصر الطحاوي ص ١٢٨ - ١٢٩، مختصر القدوري مع شرح الميداني: ٢٠/ ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>