للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشافعي يتبع بها دينا في ذمته كالغصب (١)، وقال أبو حنيفة المالك بالخيار إن شاء قطع ولم يتبعه بالغرم وإن شاء غرمه (٢) ولم يقطعه، ولا يستحق على السارق الجمع بين القطع والغرم (٣) فدليلنا على الشافعي في أنه لا يتبع في اعتباره (٤) قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (٥) ولم يوجب سوى ذلك، وروى عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وإذا أقيم على السارق الحد لا غرم عليه" (٦)، ولأن إتلاف المال لا يجب به عقوبتان، والقطع عقوبة فلا تجب عليه عقوبة أخرى.

[فصل [٤٠ - في الدليل على أبي حنيفة في وجوب القطع مع اليسار]]

ودليلنا على أبي حنيفة في وجوب القطع مع اليسار أن السبب الموجب للقطع غير السبب الموجب للغرم لأن القيمة تجب لأجل الإتلاف والقطع لحق الله تعالى وهو إخراج المال المسروق، وإذا كان كذلك لم يتنافيا وكان كالمحرم يتلف صيدا مملوكا فيلزمه الجزاء والقيمة، وقال بعض شيوخنا إن أخذ القيمة مع القطع استحسان والقياس ألا يلزم شيئًا لأنه لو لزمه غرمها مع اليسار لزمه ذلك في ذمته مع الإعسار، وإنما استحسنوا ذلك لجواز أن يكون قد أخذ لها بدلا وثمنا فاختلط بماله.


(١) انظر الأم: ٦/ ١٥١، المزني: ٢٦٤، الإقناع: ١٧٢.
(٢) في م: ابتعه.
(٣) انظر مختصر الطحاوي: ٢٦٩ - ٢٧٠، مختصر القدوري مع شرح الميداني: ٣/ ٢٠٩.
(٤) في م: الإعسار.
(٥) سورة المائدة، الآية: ٣٨.
(٦) أخرجه النسائي في قطع السارق باب تعليق يد السارق في عنقه: ٨/ ٨٥، وهو حديث مضعف عند أهل الحديث لأنه مقطوع وقد وصله بعضهم وقال النسائي هذا مرسل وليس بثابت: ٨/ ٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>