للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"للرجل من الحائض ما فوق الإزار وليس له ما دونه" (١)، ولأن المنع من الفرج وما دونه لأجل ملاقاة الأذى وذلك مأمون فيما فوق الإزار.

[فصل [٩ - دليل منع الحائض والنفساء من الطواف]]

وأما منعهما الطواف (٢) فلأمرين: أحدهما: منعهما من دخول المسجد، وقد دللنا عليه فيما تقدم، والآخر أن الطواف لا يصح إلا بطهارة، وأما منعهما مس المصحف وقراءة القرآن، فقد ذكرناه فيما تقدم.

[فصل [١٠ - دليل منع الحائض والنفساء من الاعتكاف].]

وأما منعهما الاعتكاف (٣): فلأنهما يمنعان شرطين من شروطه وهما: دخول المسجد وصحة الصوم، ولا يمنعان وجوبه لأنهما لو نذرتاه في حال الحيض والنفاس أنهما يفعلانه بعد الطهر للزمهما إذا طهرتا، فأما إن نذرتا أن تعتكفا حال الحيض والنفاس فلا يلزمهما سواء نذرتاه في المدة أو قبله، لأن ذلك نذر معصية كما لو نذر إنسان صوم يوم النحر والفطر، فإن قيل: فما الفرق بين هذا وبين أن ينذر اعتكاف ليلة، لم قلتم على قول بعض أصحابكم يلزمه يوم وليلة؟ فإن كان الليل لا يصح فيه الصوم، كذلك يجب أن يكون زمان الحيض والنفاس، قلنا: لا يجب ذلك والفرق بينهما واضح وهو: أن الليل زمان الاعتكاف على وجه ألا ترى أنه يحرم عليه في ليلة ما يحرم عليه في نهاره، ولو فعل في ليله ما يفسد اعتكافه لبطل اعتكافه إلا أنه لا يصح إفراده لأنه تبع لنهاره، كما أن حال خروجه من المسجد يكون معتكفًا تبعًا لحال حصوله فيه فإذا كان كذلك فلم ينذر معصية، وألزمناه يومًا وليلة؛ لأن إيجاب التبع للمتبوع لأنه مشروط به، كما لو نذر صلاة لكان قد أوجب على نفسه التطهر لها وزمان الحيض بخلافه لأنه ليس بزمان للاعتكاف على وجه لا تبعًا ولا غيره، ألا ترى أنه إذا طرأ على الاعتكاف قطعه وإذا طرأ عليه الليل لم يقطعه والله أعلم.


(١) سبق تخريج هذا الحديث في الصفحة (١٨٥).
(٢) انظر: المقدمات: ١/ ١٣٥، الكافي ص ٣٣.
(٣) انظر: المقدمات: ١/ ١٣٦، الكافي ص ١٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>