كتاب المعونة على مذهب عالم المدينة

باب: الوضوء - فصل [٤ - وجوب الوضوء بزوال العقل] - ج: 1 - ص: 154

عليه وسلم: "العينان وكاء السه فمن نام فليتوضأ" (١)، وقوله: "لكن من بول أو غائط أو نوم" (٢)، ولأن الغالب منه أن الاستثقال فيه يؤدي إلى خروج الحدث فأجرى غالبه مجرى يقينه، ولذلك علله صلى الله عليه وسلم حين قال: "فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله" (٣)، (ولأن النائم يخرج منه الريح غالبًا، ثم هو حال انتباهه لا يدري ما كان منه فنحن متى سوغنا له الصلاة بوضوء قبل النوم مع كوننا على غير ثقة من بقاء طهارته تلك كنا قد سوغنا له الصلاة محدثًا فكان الاحتياط أن يلزمه الوضوء ليصلي على ثقة من طهارته وارتفاع الحدث) (٤).

[فصل [٤ - وجوب الوضوء بزوال العقل]]

فأما زوال العقل بالإغماء (٥)، والجنون والسكر، فإنما أوجب الوضوء لأنه أدخل في هذا المعنى من النوم لأن النوم يزول بالانتباه وقليل الإيقاظ، وهذه الأشياء أبعد منه عن الإفاقة، فكانت أولى بوجوب الوضوء منه.

---

(١) أخرجه أبو داود في الطهارة، باب: الوضوء من النوم: ١/ ١٤٠، وابن ماجه في الطهارة، باب: الوضوء من النوم: ١/ ١٦١، والحديث معلول بضعف الوضين وتدليس بقية (نصب الراية: ١/ ٤٥).
والسه: حلقة الدبر، والوكاء: الخيط الذي تشد به الصرة والكيس ونحوها، فجعل اليقظة للإست كالوكاء للقربة، فما دام الإنسان يقظًا فطهارته باقية كما أن الماء يبقى في القربة ما بقي الوكاء (النهاية في غريب الحديث: ٢/ ٤٢٩).
(٢) أخرجه ابن ماجه في الطهارة، باب: الوضوء من النوم: ١/ ١٦١، والنسائي في الطهارة، باب: التوقيت في المسح على الخفين للمسافر: ١/ ٧١، والترمذي في الطهارة، باب: المسح على الخفين للمسافر والمقيم: ١/ ١٥٩، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(٣) أخرجه أبو داود في الطهارة، باب: الوضوء من النوم: ١/ ١٤٠، والترمذي في الطهارة، باب: ما جاء في الوضوء من النوم: ١/ ١١١، قال أبو داود: هو حديث منكر.
(٤) ما بين قوسين سقط من (ق).
(٥) الإغماء: ضعف القوى لغلبة الداء، يقال: غمى عليه، فهو مغمي عليه (المغرب ص ٣٤٦).