للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يفسخ قبل الدخول ويثبت بعده ويجب صداق المثل (١)، وعند أبي حنيفة والشافعي (٢): أن العقد صحيح لا يفسد بفساد المهر، ويجب فيه صداق المثل ولا يفسخ، فإذا قلنا: أن العقد فاسد فوجهه قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} (٣)، فعلق الإحلال بشرط الابتغاء بالمال: والخمر والخنزير ليسا بمال لنا (٤)، ولأنه عقد معاوضة فوجب أن يفسد بفساد العوض كالبيع، ولأن المقصود به إذا كان فاسدًا وجب فساد العقد أصله نكاح الشغار.

ووجه التصحيح (٥): أن عقد النكاح مفارق لعقد البيع في موضعه لأن سائر عقود المعاوضات العوض مقصود منها لأن طريقها المغابنة والمكايسة، وليس كذلك النكاح لأنه مبني على المواصلة والمكارمة دون العوض، ألا ترى أنهما إذا عقدا من غير تسمية صداق، فإن العقد جائز ولو سكتا عن ذكر العوض في البيع والإجارة لم يصح العقد، ويفارق نكاح الشغار لأنه يفسد لكون المقصود به بخلاف مسألتنا.

[فصل [٥ - في تأويل قول مالك إنه يفسخ قبل الدخول]]

إذا ثبت ما ذكرناه فقد اختلف أصحابنا في تأويل قول مالك إنه يفسخ قبل الدخول: فمنهم من حمله على الإيجاب تغليظًا وعقوبة لهما لئلا يعودا إلى مثل ذلك، ومنهم من حمله على الاستحباب احتياطًا وخروجًا من الخلاف، فإن وقع الدخول لم يفسخ لأن الصداق قد وجب فلا يؤخذ المعنى الذي لأجله يفسخ قبل الدخول.


(١) في جملة هذه الأحكام انظر: المدونة: ٢/ ١٧٠، التفريع: ٢/ ٣٧ - ٤١، الكافي ص ٢٤٩.
(٢) انظر: مختصر الطحاوي ص ١٨٦ - ١٨٧، الأم: ٥/ ٤٧ - ٥٧.
(٣) سورة النساء، الآية: ٢٤.
(٤) لنا: سقطت من (ق).
(٥) في (م): الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>