للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقصر في السفر ولم يتم (١)، ولأن كل صلاة فرض ردت إلى ركعتين، فذلك هو الواجب فيها، أصله الجمعة، والدليل للقول: أنه سُنَّة قوله تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} (٢)، وهذا عبارة المباح دون الفرض، وقال أنس: كنا نسافر مع النبي -عليه الصلاة والسلام- فمنا المقصر ومنا المتمم، فلا يعيب بعضنا على بعض (٣)، ولأن أصحابنا هؤلاء قد أجازوا للمسافر أن يصلي خلف المقيم ويتم الصلاة، فلو كان فرضه القصر ما جاز له الإتمام، كما أن الحاضر لما كان فرضه الإتمام لم يكن له أن يقصر خلف مسافر.

[فصل [٣ - هل للسفر الذي يقصر فيه حد معلوم؟]]

والسفر الذي يقصر فيه محدود (٤)، خلافًا لداود (٥) في قوله: إن القصر في السفر الطويل والقصير، لان الأصل الإتمام والقصر رخصة لأجل المشقة، وسفر الفرسخين والثلاثة لا مشقة فيه، فكان كالطواف في سكك (٦) المدينة، ولأنه إجماع الصحابة لأنهم اختلفوا في حد السفر الذي يقصر الصلاة فيه ولم يختلفوا في وجوب أصل التحديد (٧).


(١) وهذا معلوم من سيرته لمن تتبع الأحاديث والأخبار في أسفاره صلى الله عليه وسلم قال ابن القيم في زاد المعاد (١/ ٤٦٤): وكان صلى الله عليه وسلم يقصر الرباعية فيصليها ركعتين من حين يخرج مسافرًا إلى أن يرجع إلى المدينة، ولم يثبت عنه أتم الرباعية في سفره البتة … ولكن يدل على أن هذا مجرد فعل منه صلى الله عليه وسلم لا يدل على وجوب القصر غايته أنه سُنَّة.
(٢) سورة النساء، الآية: ١٠١.
(٣) أخرجه البيهقي: ٣/ ١٥٤، وفيه عمران التغلبي مختلف فيه، قال ابن دقيق العيد: لا يحتج بحديثه وذكره ابن حبان في الثقات.
(٤) انظر: المدونة: ١/ ١١٤، التفريع: / ٢٥٨، الرسالة ص ١٣٩.
(٥) انظر: المحلي: ٥/ ٣ - ٣٤، المجموع: ٤/ ٢١٥.
(٦) السكة: الزقاق، أو الطريق المصطفة من النخل (المصباح المنير ص ٢٨٢).
(٧) انظر: المغني: ٢/ ٢٥٦ - ٢٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>