للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل [٣ - الإِمام ينتظر الطائفة الثانية إذا فرغوا سلم بهم]:

وإنما قلنا: إن الإِمام ينتظرهم، فإذا فرغوا سلم بهم، وهو قول الشافعي (١) فوجهه قوله تعالى: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} (٢)، وهذا يفيد جميع صلاتهم، وأنه يؤدي إلى التسوية بين الطائفتين في الفضيلة فكان أولى، ولأن الخبر بذلك مسند (٣)، والخبر الآخر موقوف على صحابي (٤)، وهو سهل بن أبي حثمة، فإذا قلنا: أنه لا يسلم بهم (٥)، وهو الظاهر من المذهب فلأن تغيير صلاة الخوف إنما جاز للضرورة فإذا استوت الحال حملناها على الأصل، ولا فضل (٦) بين سلام الإِمام قبلهم وبين انتظاره إياهم في باب الضرورة، ولأن انتظاره إياهم زيادة عمل في الصلاة غير محتاج إليه لأجل الخوف وذلك مكروه، ويفارق قيامه من الركعتين، لأن ذلك لانتظار الطائفة الأخرى، وذلك محتاج إليه في صلاة الخوف، ولأن المأمومين لا يقفون على فراغه من التشهد إلا بإشارة منه أو التفات أو غير ذلك مما يشعرهم به، وذلك زيادة عمل فكان التسليم أولى به (٧)، ولأنه قد لا يصل إلى العلم بفراغهم جميعهم من تلك الركعة لاختلافهم في القضاء من السرعة والإبطاء، فلا يخلوا أن يسلم بهم على حسب ما يغلب على ظنه من فراغهم، فتفوت الفضيلة بعض الطائفة أو أن ينتظرهم ما يعلم بالعادة أن جميعهم قد فرغوا، فذلك زيادة في صلاته غير محتاج إليها، لأن الطائفة الأولى لما كان ابتداؤها في القضاء بعد انفصاله عن الركعة الأولى، فيجب أن تكون كذلك الطائفة الأخرى، وهذا لا يمكن إلا بعد سلامه لأنه ما لم يسلم فهو في الصلاة.


(١) الأم: ١/ ٢١١، الإقناع ص ٥٧.
(٢) سورة النساء، الآية: ١٠٢.
(٣) وهو خبر صالح بن خوات، وقد سبق تخريجه ص ٣١٥.
(٤) وقد سبق تخريجه ص ٣١٥.
(٥) أي يسلم قبلهم.
(٦) في (ق): ألا.
(٧) به: سقطت من (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>