للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحد إلا حديث ابن مسعود (١)، وهو حديث مختلف عليه فيه (٢)، ولأن ظاهر القرآن معنا: وهو قوله تعالى: {فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ} (٣)، فأفردهم بالسجود، فاقتضى ذلك أن يسجدوا لأنفسهم سجودًا ينفردون به لا يشركهم فيه الإِمام مع كون الإِمام في الصلاة لقوله: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} (٤)، وهذا لا يمكن إلا على ما نقوله: أن كل طائفة تصلي ما بقي عليها حال صلاة الإِمام، وعلى قول أبي حنيفة لا تصح، لأن القضاء عنده لا يكون إلا بعد فراغ الإِمام من الصلاة لكلتا الطائفتين (٥).

قال أحمد بن المعذل: ولأن ما قلناه أحوط لأن انصراف الطائفة الأولى التي قد صلت مع الإِمام ركعة إلى مكان الطائفة الواقعة بإزاء العدو، وإنما هو للحفظ والحراسة، فيجب أن تكون تقف في مكانها وهي فارغة لما قصدت له غير مشتغلة بمراعاة ما سواه، لأن ذلك أمكن في التحرز وأشبه بالمعنى الذي استدعيت له، ولأنهم ربما احتاجوا في التحفظ إلى كلام وصياح وغير ذلك من العمل الذي يبطل الصلاة بكثرته، فيزول ما بني عليه أمر صلاة الخوف من التحفظ للصلاة.


(١) أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود: مشهور بكنيته، والأشهر أنه لا اسم له غيره ويقال: اسمه عامر، كوفي ثقة من كبار الثالثة، والراجح أنه لا يصح سماعه من أبيه، مات بعد سنة ثمانين (تقريب التهذيب: ٦٥٦).
(٢) أخرجه أبو داود في الصلاة، باب: يصلي بكل طائفة ركعة: ٢/ ٣٧، والطحاوي في شرح معاني الآثار: ١/ ٣١١، البيهقي: ٣/ ٢٦١، والدارقطني: ٢/ ٦١، وقال البيهقي: وهذا الحديث مرسل أبو عبيدة لم يدرك أباه وخصيف الجزري ليس بالقوي: ٣/ ٢٦١.
(٣) سورة النساء، الآية: ١٠٢.
(٤) سورة النساء، الآية: ١٠٢.
(٥) انظر: مختصر الطحاوي ص ٣٨، مختصر القدوري: ١/ ١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>