للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد اختلف في جواز إنكاحها (١): فقال مالك: يزوجها الإمام إن رفعت ذلك إليه، وقال عبد الملك: لا يجوز إنكاحها على وجه مع حياة الأب، وقال ابن وهب: إن قطع عنها نفقته وأطال غيبته جاز إنكاحها برضاها، وإن كان يبعث إليها نفقة وهي في غنى وكفاية (٢) لم يجز الإفتيات عليه ولم تزوج إلا برضاه (٣).

فوجه قول مالك: هو أن غيبة الأب إذا طالت وانقطعت أضر ذلك بها فجرى مجرى عضلها، ولو كان الأب حاضرًا وعضلها حتى علم أنه يقصد الإضرار بها لزوجها السلطان عليه، فكذلك مع طول الغيبة.

ووجه قول عبد الملك: إن الولاية باقية للأب لا تسقط بغيبته، فلم يكن لغيره أن يزوجها، ولأنها بكر لها أب كالحاضر أو القريب الغيبة وليس بعاضل، ووجه قول ابن وهب: أن المراعي في ذلك إزالة الضرر عنها بدليل أنه لو كان حاضرًا وعضلها لزوجت عليه لإزالة الضرر وهذا موجود مع انقطاع النفقة ووجود (٤) الحاجة وإذا لم يكن لها ضرورة لم تزوج لأنه ليس ها هنا ما يزيل ولاية الأب أو يسوغ الإفتيات عليه.

[فصل [١٤ - السلطان يزوج من غاب عنها أبوها]]

إذا ثبت جواز إنكاحها: فقيل: لا يزوجها إلا السلطان وقيل: للأولياء أن يزوجوها برضاها (٥)، فوجه الأول: أن إنكاحها مع بقاء الأب هو لإزالة الضرر عنها، فكان كالحكم على الأب، وذلك يختص به السلطان.

ووجه الثاني: أن النكاح بالإذن لا يقف على ولي دون ولي في باب الجواز،


(١) انظر: المدونة: ٢/ ١٤٤.
(٢) في (م): كفالة.
(٣) في (ق): إلا برضاها.
(٤) في (ق) و (ر): حضور.
(٥) انظر: المدونة: ٢/ ١٤٤، الرسالة ص ١٩٦ - ١٩٧، الكافي ص ٣٣٢ - ٣٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>