للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصديقه وطال اجتماعه معه وكثير ألفه له وطروقه لسمعه وقع له العلم بذلك وبعد شبهه (١) بغيره وميز بين أشخاصهم لسماعه وصار ذلك له طريقا مستمرًا لا يخالجه (٢) فيه شك ولا ريب، وإن جاز أن يخفي عليه إذا غير صوته في بعض الأوقات فإنه إذا تبينه زال عنه الشك فحكمه في هذا حكم البصير إذا رأى الشخص في الظلمة وأنه إذا تبينه وتأمله عرفه، وكذلك لو رأى من بعد عهده به أو من كان بعهده أمرًا والتحى فإنه يشتبه عليه اشتباها إذا حقق التأمل زال عنه، وإذا ثبت ذلك صح أن الصوت طريق يميز به بين الأشخاص فقبلت شهادة الأعمى معه.

[فصل [١ - شهادة الأخرس، والشهادة على الشهادة]]

شهادة الأخرس جائزة إذا فهمت إشارته (٣) خلافًا لأبي حنيفة والشافعي (٤) لأن الشهادة علم يؤديه الشاهد إلى الحاكم فإذا فهم منه بطريق يفهم من مثله قبلت كالناطق إذا أداها بالصوت، ولأنها معنى يحتاج إلى النطق ليقع الفهم به فإذا تعذر النطق به جاز أن تقوم الإشارة مقامه إذا وقع الفهم بها أصله الإقرار والطلاق.

الشهادة على الشهادة جائزة وهو قول كافة الفقهاء (٥) إلا من حكي عنه (٦) منعها (٧)؛ لأن عليًا رضي الله عنه أجازها (٨) ولم ينكر عليه أحد من الصحابة ولا خالفه، ولأن الشهادة طريقها الأمانة كالأخبار فإذا جاز النقل في أحدهما فكذلك في الآخر، ولأن شهادة العدل علي شهادة نفسه معنى يسوغ للحاكم الحكم به فجاز أن يشهد به عنده ويحكم به إذا شهد عنده الإقرار.


(١) في ق: تنبيهه وفي ر: تشبيه.
(٢) في ق: لا يخالطه.
(٣) انظر التفريع: ٢/ ٢٣٦، الكافي: ٤٦٤.
(٤) انظر شرح فتح القدير: ٦/ ٢٨، حاشية قليوبي وعميرة: ٣/ ١٧٧.
(٥) انظر المغني: ٩/ ٢٠٦.
(٦) حكي ذلك عن داود (الإشراف: ٢/ ٢٩٤).
(٧) في ق: عنهم.
(٨) انظر عبد الرزاق: ٨/ ٣٣٩، المحلي: ١٠/ ٦٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>