للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كمثل الكلب أكل حتى (١) شبع قاء ثم عاد في قيئه" (٢)، ولأنه لا يلي على ماله إلا بتولية، ويحد في وطئه أمته فلا رجوع له في هبته أصله الابن إذا وهب للأب.

[فصل [١٠ - جواز رجوع الأب فيما وهب لابنه]]

وإنما قلنا إن للأب أن يرجع فيما وهب لابنه خلافًا لأبي حنيفة في منعه الرجوع (٣)، للحديث الذي رويناه، ولحديث النعمان بن بشير أن أباه نحله نحلا وجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يشهده فقال: إني نحلت ابني هذا فقال: "أكل ولدك نحلته" قال: لا، قال: "فارجعه" (٤)، فدل ذلك على أن للأب أن يرجع فيما وهب لابنه، ولأنها هبة لمن أضيف هو وماله إلى الواهب في الشرع إضافة الملك فكان له الرجوع فيها بوجه، أصله هبة السيد لعبده، ولأن الأب يختص مع الولد بما لا يوجد في غيره، وله شبهة في ماله ففارق الأجنبي.

وإنما قلنا إن للأم أن تعتصر (٥) لمشاركتها في قرب الولادة ومباشرتها وإنما منعنا ذلك إذا كان الولد أيتاما لأن الهبة للأيتام يراد بها وجه الله عز وجل كالصدقة، وإنما منعنا الاعتصار بعد التصرف لتعلق حقوق الغير بها، أما إذا داين الولد فإن الغرماء داينوه على المال الذي معه، فلو أجزنا للأب أخذه لكان


(١) في ق: إذا.
(٢) أخرجه أبو داود في البيوع باب الرجوع في الهبة: ٢/ ٨٠٩، وابن ماجه في الأحكام باب من أعطى ولده ثم رجع فيه: ٢/ ٧٩٥، والنسائي في الهبة باب رجوع الوالد فيما يعطي ولده: ٦/ ٢٢٢، والترمذي في البيوع باب ما جاء في كراهية الرجوع في الهبة: ٤/ ٣٨٤ وقال حديث حسن صحيح، وأحمد: ٣/ ٢٧ والحاكم: ٢/ ٤٦.
(٣) انظر مختصر الطحاوي: ١٣٩، مختصر القدوري- مع شرح الميداني: ٢/ ١٧٥.
(٤) أخرجه البخاري في الهبة باب الهبة للولد: ٢/ ١٣٣، ومسلم في الهبات باب كراهية تفضيل بعض الأولاد: ٣/ ١٢٤١.
(٥) الاعتصار: هو الرجوع في الهبة وأخذها قهرًا (الفواكه الدواني: ٢/ ١٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>