للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكة، وحرم المدينة، فإن قتل صيدًا في مكة فعليه الجزاء، وإن قتله في حرم المدينة فلا جزاء عليه، وقال داود: لا يتعلق الجزاء بحرمة الحرم أصلًا (١)، ودليلنا قوله تعالى: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} (٢)، والاسم ينطلق على المحرم (٣)، والحرام بالإحرام وبالمكان، ولأن كل ما كسبه اسم محرم أثر في وجوب الجزاء أصله الإحرام.

[فصل [١ - قتل الصيد في حرم المدينة]]

وأما حرم المدينة فلا جزاء عليه عند مالك (٤)، وقال ابن أبي ذئب (٥): عليه الجزاء، فوجه قول مالك رحمه الله (٦) قوله صلى الله عليه وسلم: "من وجدتموه قد صاد في حرم المدينة فأوجعوه ضربًا واسلبوه ثيابه" (٧)، فلو كان فيه الجزاء لأمر به، ولأنه غير محل للمناسك فلم يتعلق بقتل الصيد فيه الجزاء (٨)، أصله الحل، ووجه إيجابه الجزاء قوله صلى الله عليه وسلم: "اللهم إن إبراهيم حرم مكة وأنا أحرم المدينة بمثل ما حرم به مكة ومثله معه لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها" (٩)، ولأنه حرم يمنع الاصطياد فيه


(١) انظر: المجموع: ٧/ ٤٥٧.
(٢) سورة المائدة، الآية: ٩٥.
(٣) في (م): الحرم.
(٤) انظر: التفريع: ١/ ٢٣١.
(٥) ابن أبي ذئب: محمَّد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب القرشي العامري، أبو الحارث المدني: ثقة، فقيه فاضل من السابعة، مات سنة ١٥٨ هـ (تقريب التهذيب: ٤٩٣).
(٦) رحمة الله: سقطت من (م).
(٧) أخرجه أبو داود في المناسك، باب: في تحريم المدينة: ٢/ ٥٣٢، والبيهقي: ٥/ ١٩٩، والحاكم وصحَّحه: ٢/ ٤٨٦، وأخرجه مسلم بلفظ قريب منه من حديث عامر ابن سعد بن أبي وقاص في الحج، باب: فضل المدينة .. : ٢/ ٩٩٣.
(٨) في (م): جزاء.
(٩) سبق تخريج الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>