للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي يقصد به المكافأة والعوض فحكمه حكم المعاوضات ويراعى فيه ما يراعى في البيع ولا يفارقه إلا في وجه واحد وهو السكوت عن البدل فيه وعن مقداره فأما ما عدى ذلك من أحكامه فإنه يجري مجرى سائر المعاوضات (١).

وإنما قلنا إنها جائزة على هذا الوجه لأنها تفعل على وجه المودة، وإيثار المكارمة والمواصلة وإن كان المقصود به المكافآت ففعلها على هذا الوجه له تأثير في التودد والتحبب فكانت في معنى نكاح التفويض في المسامحة بترك ذكر العوض ومقداره، وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أثاب على اللقحة (٢) وطلب صاحبها الثواب فلم ينكر (٣) عليه بل أنكر سخطة الثواب وكان زائدا على القيمة (٤)، فأما الضرب الآخر الذي لا يقصد به الثواب فلا يستحق عليه ثواب ولا مكافآت لأن الواهب لم يرد ذلك وإنما أراد التمليك بغير عوض.

[فصل [٥ - الاختلاف في غرض الهبة]]

فإن اختلفا فادعى الواهب أنه وهب للثواب وقال الموهوب له بل لغيره الثواب فالمرجع في ذلك إلى أحد أمرين: إما إلى شرط إن كان بينهما فإن اعترف به الموهوب له لزمه وإن أنكره فالقول قول الواهب إذا أشكل وتحاكما فيه إن كان يشبه، وإن كان لا يشبه، فالقول قول مدعي الأشبه منهما (٥).

والقسم الآخر الذي يرجع فيه إليه وهو العرف فينتظر: فإن كانت العادة والعرف أن الواهب يرى أنه يريد الثواب وأن مثله إنما يهب مثل ذلك الموهوب


(١) انظر المدونة: ٤/ ٣١٨، ٣٢٧، التفريع: ٢/ ٣١٢، الرسالة: ٢٢٨، الكافي: ٥٢٨.
(٢) اللقحة: بالكسر- الناقة ذات اللبن، وجمعها لقح (المصباح المنير ٥٥٦).
(٣) في ق: فلم يطلب.
(٤) أخرجه الترمذي في المناقب باب مناقب بني ثقيف وبني حنيفة: ٥/ ٦٨٦ وأحمد: ١/ ٢٦٥، وابن حبان والحاكم: ٢/ ٦٢، وقال على شرط مسلم.
(٥) منهما: سقط من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>